قدّمنا أن اللفظ المبهم يتدرج عند الحنفية في مراتب أربع؛ فيتنوع بحسبها أربعة أنواع بدءًا من الخفي إلى الأخفى، وهو المشكل - إلى الأشد خفاء، وهو المجمل - إلى اللفظ الذي لا ترجى معرفته في الدنيا، وهو المتشابه.
ولكن الباحث لا يجد هذا التصنيف عند المتكلمين من علماء أصول الفقه، فهم لم يعرضوا إلا للمجمل والمتشابه، وهما - فيما يبدو - جماع (المبهم من الألفاظ) عندهم.
هذا إلى أن المسالك اختلفت في مقدار النسبة بين المجمل والمتشابه، فالأكثرون - كما سنرى - يجعلونهما شيئًا واحدًا. وآخرون يرون المتشابه نوعًا من أنواع المجمل. بينما نرى منهم من اعتبر المتشابه مشتركًا بين المجمل والمؤول (١) … إلخ.
وسنعرض لهذه المسالك دراسة وبحثًا، ثم نتَّخذ ما عليه الأكثر أساسًا للمقارنة بين اصطلاح الحنفية، واصطلاح المتكلمين.
* * *
(١) والمؤول - كما سبق - هو الذي يؤول إلى الظهور لاقتران الدليل به.