للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك (القرء): فإنه يطلق على الحيض، كما يطلق على الطهر وهو المدة الزمنية بين الحيضتين. وقد وضع لكل منهما بوضع خاص، جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].

ومن المشترك في كتاب الله أيضًا: لفظ (قضى) فقد جاء بمعنى (حتم) كقوله جلَّ ثناؤه: ﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾ [الزمر: ٤٢]؛ وبمعنى: (أمر) كقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] أي أمر، كما جاء بمعنى (أعلم) كقوله جلَّ وعلا: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ﴾ [الإسراء: ٤] أي أعلمناهم، وجاء بمعنى (صنع) كقوله جلَّ ثناؤه: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ [طه: ٧٢] وكقوله: ﴿ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ﴾ [يونس: ٧١] أي اعملوا ما أنتم عاملون (١).

[أسباب وجود المشترك]

يبدو للباحث أن وجود المشترك يرجع إلى عدة أسباب منها:

١ - اختلاف القبائل العربية في إطلاق الألفاظ على المعاني، حيث تصطلح قبيلة على إطلاق لفظ على معنى معين، وتصطلح قبيلة أخرى على إطلاق اللفظ نفسه على معنًى آخر وتصطلح قبيلة ثالثة على معنًى ثالث وهكذا.

وقد لا يكون بين المعنيين أو المعاني مناسبة ما، فيصير اللفظ موضوعًا لمعنيين أو أكثر، وينقل إلينا اللفظ مستعملًا في معنيين أو أكثر من غير نص على اختلاف الواضع (٢).


(١) انظر: "الصاحبي" لأحمد بن فارس (ص ١٧١): "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٨ - ٣٩)، وانظر الكثير من الأمثلة في: "المزهر" السيوطي (١/ ٣٦٩ - ٣٨٤).
(٢) وقد يكون ذلك من واضع واحد لغرض الإبهام على السامع في المعنى الثاني. وقد ذكروا في ذلك ما روي عن أبي بكر الصديق وقد سأله رجل عن النبي وقت ذهابهما إلى الغار: من هذا؟ قال: هذا رجل يهديني السبيل. "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري: (١/ ٣٩)، "المزهر" للسيوطي (١/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>