للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل هذه الحال. وهذا الحكم فهمه ابن عباس بما أعطي من فقه في الدين (١).

٣ - ومن أمثلة الدلالة بالإشارة أيضًا ما يدل عليه باللازم قول الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)[البقرة].

فالآية تدل بالعبارة على أن نفقة الوالدات، من رزق وكسوة: واجبة على الآباء، لأن هذا هو المتبادر من ظاهر اللفظ، وكان سياق الكلام لأجله (٢).

وتدل بالإشارة على أن نسب الولد إلى أبيه دون أمه؛ لأن النص في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ أضاف الولد إليه بحرف اللام التي هي للاختصاص. ومن أنواع هذا الاختصاص: الاختصاص بالنسب، فيكون قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ دالًا بالإشارة على أن الأب هو المختص بنسبة الولد إليه، لأن الولد لا يختص بالوالد من حيث الملك: بالإجماع، فيكون مختصًا به من حيث النسب.

وهكذا لزم من إضافة الولد إلى أبيه بلام الاختصاص في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ - والاختصاص لا يكون بالملك - أن يكون النسب للاب.

[الاختصاص بين العبارة والإشارة]

والذي ذكرناه من أن حكم النسب مدلول عليه بالإشارة: هو ما جرى


(١) روى نافع قال: سألت أم سلمة عن الرجل يصبح وهو جنب يريد الصوم، قالت: "كان رسول الله يُصبح جنبًا من الوقاع لا من الاحتلام ثم يغتسل ويُتِم صومه" أخرجه ابن ماجه (١٧٠٤). وهو عند أبي داود عن عائشة وأم سلمة (٢٣٨٨) وعن عائشة (٢٣٨٩). وانظر: البخاري (١٩٣٠)، مسلم (١١٠٩)، الترمذي (٧٧٩)، "بداية المجتهد" (١/ ٢٩٤).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>