ذكرنا سابقًا، أن أصحاب مدرسة الشرح على المتون، يرون أن مذهبهم في التفسير، يكفل استقرار معنى التشريع وثباته، وهذا صحيح ويعتبر مزية لهذا المذهب.
ولكن بجانب هذه المزية، كانت هنالك مآخذ للعلماء عرَّضت المدرسة لنقد شديد؛ ذلك بأن قيامها على تقديس النصوص وإرادة المشرع، واعتبار هذه الإرادة هي المصدر الوحيد للقانون، جعلها تسير في طريق يؤدي إلى عرقلة سير القانون وجموده، والوصول في بعض الأحيان إلى نتائج قد تكون غير مقبولة عقلًا.
فمن أجل الوصول إلى إرادة المشرع الحقيقية، تطرف الشرّاح في التعبُّد بالنصوص والألفاظ.
ومن أجل الوصول إلى إرادته المفترضة، وقت وضع التشريع، وإكسابها القداسة نفسها المعطاة للنصوص، لم يقيموا أي وزن لتطور المجتمع، وتغير ظروفه. وقد أدّى ذلك بالطبع إلى أن تنسب بعض الحلول زورًا إلى المشرع، لأنهم يطلبون إرادته وقت صدور التشريع، ويهربون من إرادة محتملة وقت التطبيق.
وكان من نتيجة ذلك كله، أن المدرسة لم تقوَ على الصمود أمام النقد الذي وجهه إليها العلماء، فاضمحلت واختفت منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين (١).
ثانيًا: المدرسة التاريخية:
ظهرت هذه المدرسة في ألمانيا، وهي تنسب إلى عدد من فقهائها وعلى رأسهم الفقيه الكبير "سافيني"، ولم تلقَ من الفقهاء الفرنسيين كبير تأييد، فلم يتابعها إلا عدد قليل منهم.
(١) انظر: "الموجز في المدخل للقانون" للدكتور حسن كيره (٢١٢)، "أصول القانون" للدكتور مختار القاضي (ص ٨٤).