للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله : "لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه" (١).

[عرض القرافي لمذهب الحنفية]

ويعجبني عرض القرافي لمذهب الحنفية، حيث أتى به منسوبًا إلى أبي حنيفة ثم حكم على المسلك بأنه فقه حسن، وذلك بالرغم من نسبة المبالغة إليهم فيما جنحوا إليه. جاء في "الفروق" من أثر النهي في المنهي عنه لا لذاته: (هذا الفرق بالغ أبو حنيفة في اعتباره، حتى أثبت عقود الربا وإفادتها الملك في أصل المال الربوي وردّ الزائد؛ فإذا باع درهمًا بدرهمين: أوجب العقد درهمًا من الدرهمين، ويرد الدرهم الزائد، وكذلك بقية الربويات (٢).

وقال صاحب "الفروق" بعد عدد من الأمثلة: (قال أبو حنيفة: أصل الماهية سالم عن المفسدة، والنهي إنما هو في الخارج عنها؛ فلو قلنا بالفساد مطلقًا، لسوينا بين الماهية المتضمنة للفساد، وبين السالمة عن الفساد؛ ولو قلنا بالصحة مطلقًا لسوينا بين الماهية السالمة في ذاتها وصفاتها، وبين المتضمنة للفساد في صفاتها، وذلك غير جائز؛ فإن التسوية بين مواطن الفساد، وبين السالم عن الفساد: خلاف القواعد، فتعين حينئذ أن يقابل الأصل بالأصل، والوصف بالوصف فنقول: أصل الماهية سالم عن النهي؛ والأصل في تصرفات المسلمين وعقودهم: الصحة حتى يرد نهي، فيثبت لأصل الماهية الأصلُ الذي هو الصحة، ويثبت للوصف - الذي هو الزيادة - المتضمنة للمفسدة: الوصف العارض وهو النهي، فيفسد الوصف دون الأصل، وهو المطلوب) قال القرافي: (وهو فقه حسن) (٣).


(١) راجع: "التقرير والتحبير" (١/ ٣٣٤).
(٢) (٣/ ٨٢).
(٣) "الفروق" (٢/ ٨٣ - ٨٤)، وانظر في مذهبي الجمهور والحنفية: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٢٥٨) فما بعدها، "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع "العضد" و"السعد" (٢/ ٩٨ - ٩٩)، "التوضيح" مع "التلويح" (٢١٦١) فما بعدها، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٣٠) فما بعدها، "إرشاد الفحول" (ص ١٠٤)، "أصول الفقه" للشيخ محمد الخضري (ص ٢٤١ - ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>