للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذهب إليه أبو حنيفة ومحمد، هو قول ابن عباس، والثوري، والأوزاعي، ومكحول، والزهري (١).

وقد ذكر ابن الهمام في "فتح القدير" ما رواه ابن أبي شيبة عن الزهري قال: أُتي مروان بقوم يختفون (٢) - أي ينبشون القبور - فضربهم ونفاهم والصحابة متوافرون.

وهذا الأثر، أخرجه أيضًا عبد الرزاق في "مصنفه"، عن معمر بزيادة (وطوّف بهم) (٣).

ومثل ذلك، ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" أيضًا عن الزهري قال: أخذ نباش في زمن معاوية - وكان مروان على المدينة - فسأل مَن بحضرته من الصحابة والفقهاء، وأجمع رأيهم على أن يضرب ويطاف به.

فبهذين الأثرين يؤيد الزهري رأيه بعدم القطع، استنادًا إلى سكوتِ عدد من الصحابة في الأثر الأول، وإجماعِ مَن كان في حضرة مروان في الأثر الثاني (٤).

واعتبار ذلك: يقتضي أن عدم الحكم على النباش بحد القطع، لم ينفرد فيه ابن عباس من الصحابة رضوان الله عليهم، وإنما هو مذهبٌ لآخرين.

[مذهب الجمهور]

ونترك هذا المذهب الذي جنح إليه الطرفان - أبو حنيفة ومحمد بن الحسن - لنرى الأئمة الثلاثة ومعهم أبو يوسف، يعتبرون النباش سارقًا. ويحكمون عليه بالقطع (٥).


(١) راجع: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٦٠٨)، "تفسير القرطبي" (٦/ ١٦٤)، "فتح القدير" شرح الهداية (٤/ ٢٣٤ - ٢٣٥).
(٢) في اللغة: خَفاه يَخفيه خَفْيًا وخُفيًّا: أظهره واستخرجه كاختفاه. انظر المادة في "القاموس المحيط".
(٣) انظر: "المحلى" لابن حزم (١١/ ٣٥٠) فما بعدها.
(٤) راجع: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٤/ ٢٣٤).
(٥) وانظر: "الهداية" مع "فتح القدير" (٤/ ٢٣٤ - ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>