للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع بالنسبة لعبارة النص، بل رأى أن كلًا من العبارة والإشارة يمكن أن تجرى عليه القطعية والظنية؛ فبعد أن أتى على كلام ابن ملك قال: (والحق أنهما قد تكونان قطعيتين وظنيتين) (١).

[رأينا في المسألة]

والذي نميل إليه هو ما ذهب إليه السرخسي ومَن تابعه.

فمدلول عبارة النص قطعي الدلالة، لما أنه ليس فيه احتمال ناشئ عن دليل.

أما مدلول الإشارة: فيمكن أن يكون قطعيًا، كما يمكن أن يكون ظنيًا، لما قد يكون من احتمال ناشئ عن دليل.

وهذا المدلول بالإشارة: لا خلاف فيه من حيث إنه معنًى لازم مترتب على ما دلّت عليه عبارة النص، ولكن طريق الظنية إليه - من ناحية المجاز على الأقل - مفتّحة الأبواب.

على أن ما ذهب إليه الرهاوي من إمكان الظنية في عبارة النص، يمكن حمله على الحالة التي تكون فيها العبارة من العام المخصوص، لأن العام - عند الحنفية - إذا دخله الخصوص أصبح ظنيًا، ولكن القوم عندما يحكمون بالقطعية على عبارة النص، فإنهم يريدون العبارة من حيث هي.

أما بعد أن تعرض لها - وهي من قبيل العام - حالة الخصوص فذاك أمر آخر؛ لأن الظنية في هذه الحال لم تعرض لها من حيث هي عبارة نص، وإنما عرضت لها من كونها عامًا دخله الخصوص (٢).

وعلى أية حال: فما أحسب هذا الاختلاف، من النوع الذي يمكن أن تختلف الأحكام بوجوده، خصوصًا وأن الاتفاق حاصل على أن القطعية


(١) راجع: "حاشية الرهاوي على شرح ابن ملك" (١/ ٥٢٤).
(٢) انظر: "المنار" مع "شرحه" لابن ملك، و"حاشية الرهاوي" عليه (١/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>