للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قال الغزالي بعد أن ذكر الوجوه الخمسة عشر الأولى مما أثبتناه: (وهذه الأوجه عدها الأصوليون شغفًا منهم بالتكثير - وبعضها كالمتداخل، فإن قوله: "كل مما يليك" جعل للتأديب وهو داخل في الندب، والآداب مندوب إليها. وقوله: ﴿تَمَتَّعُوا﴾ للإنذار وهو قريب من قوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] الذي هو للتهديد (١).

[دلالة الأمر]

لقد اتسع ميدان الاختلاف بين العلماء فيما يدل عليه الأمر، إذ كونه


(١) راجع: "المستصفى" (١/ ١٦٤)، وانظر تفصيلًا وافيًا لأكثر هذه المعاني عند الإسنوي في "شرحه لمنهاج القاضي البيضاوي" (١/ ٢٥٣ - ٢٥٧) بهامش "التقرير والتحبير"، وراجع: "الإبهاج" لتاج الدين السبكي في "شرحه للمنهاج" (٢/ ١٢ - ١٣). على أن أكثر المعاني التي أوردها علماء الأصول في وجود استعمال الأمر لها من اللغة العربية شواهد ففي شعر العرب وكلامهم كثير مما يدل على ذلك.
فمن الوعيد في القول قول عبيد:
حتى سقيناهم بكأس مرة … فيها المثمل نافعًا فليشربوا
ومن الندب قول الشاعر:
. . . . . . . . . . … فقلت لراعيها انتشر وتبقل
ومن التعجيز قول القائل:
خل الطريق لمن يبني المنار بها … وأبرز ببرزة حيث اضطرك القدر
ومن التعجب قول كعب بن زهير:
أحسن بها خله لو أنها صدقت … موعودها ولو أن النصح مقبول
ومن التلهيف والتحسير قول جرير:
موتوا من الغيظ غمًا في جزيرتكم … لن تقطعوا بطن واد دونه مضر
ومن الدعاء قول الراجز:
ما مسها من نقب ولا دبر … اغفر له اللهم إن كان فجر
ومن التمني قول امرئ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي … بصبح وما الإصباح منك بأمثال
وغير ذلك كثير مما يرى مبثوثًا في كتب اللغة والأدب وانظر: "الصاحبي" لابن فارس (ص ١٥٤ - ١٥٧).

(تعليق الشاملة): وقع في المطبوع هنا بعض خلل في مواضع الهوامش، أصلحناه من الطبعات السابقة للكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>