للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرق وريق في بدن المؤمن وثوبه وفراشه. ومع ذلك، فلا يجب من غسل الكتابية إلا ما يجب من غسل المسلمة (١).

ولم يرتضِ ابن حزم الاحتجاج بحل زواج الكتابيات، فذلك لا يؤدي في نظره إلى حل اللعاب والعرق والدمع، وكأنه يرى أن كلًا من المسألتين يجري في طريق.

وكان من الطرائف جوابُه عن مسألة عدم استطاعة الاحتراز مع الزواج والمضاجعة حيث قال: (فإن قيل: إنه لا يقدر على التحفُّظ من ذلك. قلنا: هذا خطأ بل يفعل فيما مسَّه من لعابها وعرقها مثل الذي يفعل إذا مسَّه بولُها أو دمها أو مائية فرجها ولا فرق. ولا حرج في ذلك). وينتقل أبو محمد إلى القول: (ثم هبك أنه لو صحّ ذلك في نساء أهل الكتاب، من أين لهم طهارة رجالهم أو طهارة النساء والرجال من غير أهل الكتاب. فإن أجابوا بالقياس ردّ عليهم ببطلان القياس) (٢) ولا بدع أن يطلب ابن حزم نصًا لكل مسألة على حدة.

[الذي نرجحه]

والمقبول عندنا أن تأويل الآية والحديث: سليم لا غبار عليه، لما استند إليه من الأدلة وذلك ما يجعلنا نرجح مذهب الجمهور.

فقد أباح الله للمؤمنين طعام أهل الكتاب، ومؤاكلتهم، ولن يخلو هذا من آثارهم. وفي إباحته للزواج بالكتابيات (٣) من الآثار ما لا يمكن التحرُّز عنه في مخالطتهن - كما تقدم -.

وإن في هدي رسول الله ما يؤيد هذا المذهب، فلقد توضأ


(١) "نيل الأوطار" (١/ ٣١)، "سبل السلام" (١/ ٤٢) "بداية المجتهد" (١/ ٢٨).
(٢) "المحلى" (١/ ١٣٠).
(٣) قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)﴾ [المائدة: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>