للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَجِسٌ كله، وكذلك العَرَق منهم والدَّمْعُ، وكل ما كان منهم، لأن البعض من النجس نجس.

وقد أيّد ما فهم من ظاهر الآية بما روي عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله لقيه وهو جنب، فحاد عنه، فاغتسل ثم جاء فقال: كنت جنبًا، فقال: "إن المسلم لا ينجس" (١).

ولقد عجب ممن يقول بطهارة المشركين مع وجود الآية الكريمة ونص هذا الحديث. وذلك قوله في "المحلَّى": (وما فهم قط من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] مع قول نبيه : "إن المؤمن لا ينجس" أن المشركين طاهرون. ولا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نصّ الله تعالى أنهم نَجَس إنهم طاهرون) (٢).

وهكذا نرى ابن حزم يقف عند ظاهر اللفظ من الآية والحديث ويعتبر ذلك نصًا فيما ذهب إليه.

أما الجمهور: فقد ذهبوا إلى طهارة لعاب الكفار، وعرقهم، ودمعهم وما إلى ذلك.

وتأوّلوا الآية المذكورة بحَمل النجاسة على ما يتعلق بالاعتقاد والاستقذار.

كما تأوّلوا الحديث: "إن المسلم لا ينجس" على معنى أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك لعدم تحفُّظه عن النجاسة.

وقد استندوا في تأويلهم إلى حل زواج الكتابيات، مع أن الزواج يدعو إلى أتم المخالطة، ولا يمكن مع هذه المخالطة الاحتراز عن آثارهن: من


(١) رواه أحمد بلفظ: "إن المؤمن" (٢٣٦٥٣) وأبو داود (٢٣٠) والنسائي (٢٦٧) وابن ماجه (٥٣٥)، وروى أحمد وأصحاب الكتب الستة نحوه من حديث أبي هريرة وفيه: "إن المؤمن لا ينجس": البخاري (٢٨٣)، مسلم (٣٧١)، أبو داود (٢٣١)، الترمذي (١٢١)، ابن ماجه (٥٣٤)، النسائي (٢٦٩)، أحمد في "المسند" (٧٢١١).
(٢) "المحلى" (١/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>