للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقولوا: إذا قال: أنفق على عبيدي وجواري في غيبتي كان مطيعًا بالإنفاق على الجميع، لأجل قرينة الحاجة إلى النفقة، أو أعط من دخل داري فهو بقرينة إكرام الزائر.

فهذا وما يجري مجراه إذا قدروه، فسبيلنا أن نقدر أضدادها، فإنه لو قال: لا تنفق على عبيدي وزوجاتي كان عاصيًا بالإنفاق، مطيعًا. بالتضييع ولو قال: اضربهم لم يكن عليه أن يقتصر على ثلاثة، بل إذا ضرب جميعهم: عُدَّ مطيعًا، ولو قال: من دخل داري فخذ منه شيئًا: بقي العموم (١).

[مسلك ابن الحاجب]

أما ابن الحاجب: فقام استدلاله على أن العموم معنى ظاهر يعقله الأكثر، والحاجة ماسة إلى التعبير، فوجب وضع ألفاظ تدل على عادة كثير من المعاني التي وضعت لها ألفاظ تدل عليها لظهورها، والحاجة إلى التعبير عنها مما لا يحصى؛ كالواحد والاثنين والخبر والاستخبارات.

وكان ابن الحاجب وهو يثبت أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، قد قرر أن للعموم صيغة وذلك في قوله: (فالنكرة في النفي للعموم حقيقة، فللعموم صيغة) (٢).

وجاء الشوكاني من المتأخرين، فاعتبر كلام ابن الحاجب في أثر الاستدلال على عموم النكترة الواردة في سياق النفي: دليلًا من أدلة أرباب العموم العقلية.

فبعد أن أورد الدليل الأول الذي جاء به ابن الحاجب والذي تابعه فيه من تابعه قال: (واحتجوا أيضًا بأن السيد إذا قال لعبده: لا تضرب أحدًا:


(١) "المستصفى" (٢/ ٥٠)، وانظر: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٠١).
(٢) "مختصر المنتهى بشرح العضد" (١/ ٢١٦ - ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>