للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرج إلى حيز الواقع على شكل قواعد مدونة (١).

حتى جاء الإمام الشافعي المتوفى سنة ٢٠٤ هـ فوضع "الرسالة" في أصول الفقه. بناء على طلب الإمام الحجة الثقة عبد الرحمن بن مهدي: فكان عمله مرحلة طبيعية، واستجابة لحاجة أعلن عنها الواقع بعد منتصف القرن الثاني الهجري، ذلك الواقع الذي تمثّل في البُعد عن الملكات اللسانية والسليقة العربية الأولى، نتيجة الاختلاط بين العرب والأعاجم من المسلمين بعد الفتوح، مع ضرورة العلم بالقوانين والضوابط التي من طريقها تؤخذ الأحكام من الأدلة، كل ذلك إلى جانب ما كان من نزعتَي الرأي والحديث - كما سبقت الإشارة - قبل أن يعلن الشافعي عن وضع قواعد الاستنباط، حيث أدخل الفقه في الطور العلمي (٢).

[الشافعي يدون قواعد للتفسير]

وبدأ الشافعي طريقه فتفقه - أول ما تفقه - على أهل الحديث من علماء مكة، ثم ذهب إلى إمام أهل الحديث مالك بن أنس في المدينة، فلزمه وأفاد من علمه وفضله الكثير.


(١) راجع: مقدمة "البحر المحيط" للزركشي، مخطوطة دار الكتب المصرية. مقدمة "الحاصل" للأرموي، مختصر "المحصول" للرازي، مخطوطة دار الكتب المصرية.
وانظر: "مقدمة ابن خلدون" تحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي (٣/ ١٣٠)، "التمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية" لمصطفى عبد الرازق (ص ٢٣٢) فما بعدها.
(٢) هذا: وقد أوضح ابن خلدون في "مقدمته" كيف دعت الحاجة إلى وضع قوانين الاستنباط، فقال عند حديثه عن تدوين أصول الفقه الذي تعتبر قواعد التفسير جوهره الذي يقوم عليه: (واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدَثة في الملة، وكان السلف في غنية عنه بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيَد مما عندهم من الملكات اللسانية، وأما القوانين التي يحتاج إليها في استفادة الأحكام خصوصًا: فمنهم أخذ معظمها. . فلما انقرض السلف، وذهب الصدر الأول وانقلبت العلوم كلها صناعة - كما قررناه من قبل - واحتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة، فكتبوها فنًا قائمًا برأيه سمُّوه "أصول الفقه").
راجع: "مقدمة ابن خلدون" بتحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي (٣/ ١٠٣٠)، وانظر: "التمهيد في الفلسفة الإسلامية" لمصطفى عبد الرازق (ص ٢٣٣) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>