للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه احتمالًا ناشئًا عن دليل، أو احتمالًا غير ناشئ عن دليل - فالخلاف، يكاد يكون لفظيًا؛ لأن الفريقين متفقان على احتمال النص والظاهر، غير معناهما، احتمالًا غير ناشئ عن دليل.

ولعل في كلام عبد العزيز البخاري نفسه، ما يؤيد الذي أشرنا إليه (١).

كما أن صاحب "التلويح"، بعد أن ذكر الرأي القائل بأن حكم كل من الظاهر والنص، وجوبُ الحكم قطعًا ويقينًا، وعلَّله بأن الاحتمال - وإن كان بعيدًا - قاطعٌ لليقين، وبعد أن أورد الرد على هذا القول، بأنه لا عبرة باحتمال لم ينشأ عن الدليل قال:

(والحق أن كلًا منهما قد يفيد القطع - وهو الأصل - وقد يفيد الظن، وهو ما إذا كان احتمال غيرِ المراد: مما يعضده دليل) (٢).

[الظاهر والنص عند المتأخرين]

إن ما أوردناه من تعريف الظاهر والنص، وعدم اشتراط سوق الكلام للمعنى المراد في الظاهر، هو صنيع العلماء حتى نهاية القرن الخامس. وقد أتينا آنفًا على ذكر الدبوسي والبزدوي، كما أتينا على ذكر السرخسي المتوفى بعد البزدوي وذلك سنة ٤٩٠ هـ.

ولكن مرحلة جديدة نشأت فيما بعد؛ فحين جاء شرّاح كلام فخر الإسلام البزدوي، نهج أكثرهم نهجًا جديدًا، في التفريق بين الظاهر والنص، فشرطوا في تعريفهم للظاهر .. أن لا يكون الكلام مسوقًا للمعنى المراد. وفي المقابل: شرطوا للنص: أن يكون الكلام مسوقًا لذاك المعنى.

فالظاهر، هو الذي لا يكون معناه الأصلي مقصودًا من السياق، والنص هو الذي يكون معناه الأصلي مقصودًا من السياق.

وقد تابعهم على ذلك كثير ممن جاء بعدهم، بينما سار الفريق الآخر على نهج الأولين، الذين لم يشترطوا للظاهر، كون معناه غير مقصود بالسياق.


(١) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٤٨).
(٢) انظر: "التلويح مع التوضيح" (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>