للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان الكتاب أمانة، قُلدها نبينا صلوات الله وسلامه عليه بقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤].

وهكذا يكون للمفسَّر موردان:

أحدهما: المورد المستفاد من الصيغة نفسها، بحيث لا تحتمل التأويل أو التخصيص.

والثاني: المورد المستفاد من بيان تفسيري قطعي، ملحق بالصيغة، صادر ممن له سلطة البيان؛ شأنَ المجمل الذي بيّنته السنة بيانًا قاطعًا.

ولقد أوضح ذلك البزدوي عندما عرّف المفسَّر بقوله: (وأما المفسَّر فما ازداد وضوحًا على النص سواء أكان بمعنًى في النص أم بغيره، بأن كان مجملًا فلحقه بيان قاطع، فانسدّ به باب التأويل، أو كان عامًا، فلحقه ما انسدّ به باب التخصيص) (١).

حكم المفسَّر:

وحكم المفسَّر: وجوب العمل بما دلّ عليه قطعًا، حتى يقوم الدليل على نسخه، فالمفسَّر: لا مجال لأن يصرف عن ظاهره ويرادَ منه معنًى آخر؛ إذ لا يقبل التأويل ولا التخصيص، وإنما يحتمل النسخ والتبديل، وذلك إذا كان ما دلّ عليه حكمًا من الأحكام الفرعية التي تقبل التبديل. وما لم يقم دليل على النسخ، فوجوب العمل بالمفسَّر قائم.

وحري بنا أن نلاحظ أن النسخ لا يكون إلا بكتاب أو سنّة (٢)، وما دام الأمر كذلك؛ فمجال النسخ مدة حياة النبي إذ لا وحي منزَل، ولا سنّة محدَثة إلا في تلك الحِقبة.


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٥٠).
(٢) وهذه السنة يجب عند الحنفية أن تكون متواترة أو مشهورة وفق اصطلاحهم في "المشهور" … على تفصيل عند العلماء حول التناسخ في الأحكام بين نصوص الكتاب ونصوص السنّة يرى في موضعه من مباحث النسخ في أصول الفقه والتفسير.
وانظر للمؤلف: "مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط" (ص ١٢٦ - ١٣٥) من مباحث النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>