للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأولئك يقولون: إن الأمر المطلق يقتضي التكرار لفظًا - أي بوضع اللغة - وإذا علق أو قيد اقتضى التكرار بالأولى.

وهؤلاء لا يقولون بذلك، على اختلاف طرائقهم في التعبير الوصول إلى تقرير الحقيقة التي يريدون …

فإذا كان الإمام الغزالي، يرى أن العلة ليست وحدها - عندما تتجدد - عاملَ التكرار في وجوب أداء أوامر الشرع، بل هناك القرينة وهي اعتبار الشرع للعلة وأنا متعبدون بها، فأحسب أن التعبد بالعلة هو الأساس الذي قام عليه قول من ذكروا مسألة الإشعار بالعلية: لأن الشرع فعلًا هو الذي أعطى للعلة هذه القيمة؛ ففيما عدا الظاهرية تقريبًا، ترى الجمهور على اعتبار العلة؛ لما قام لديهم من أدلة الشرع على اعتبارها.

قال صاحب "فواتح الرحموت": (لكن يبعد كل البعد إنكار الحكم بعد ثبوت علية العلة إلا من منكري القياس مطلقًا) (١).

وإذا تقرر ذلك: كان القول بالعلة الشرعية، أو بالعلة ومعها القرينة، لا يحمل خلافًا في الجوهر، وإنما هو خلاف لفظي.

أما القول بالأسباب: فقد رأى بعض الأصوليين كما مرّ، أن المراد بالأسباب هنا العلل (٢) ومن أولى من اتباع أبي حنيفة بالقول بالعلة والقياس. ولعل الخلاف في الفروع الناشئة عن هذا الأصل، مردُّه مقدار تقييم كل من الفرقاء لارتباط الحكم بتلك العلة أو ذلك السبب، وتقدير العلاقة بينهما ومقدار اعتبار النسبة بين الحكم وما علق به الأمر من شرط أو قُيد به من وصف … إلخ.

[ما نخلص إليه من نتائج، ورأينا في الموضوع]

وهكذا نخلص بعدما تقدم إلى النتائج التالية:


(١) انظر: "فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت" (١/ ٣٨٧).
(٢) انظر ما تقدم (٢/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>