للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا كان التفسير بالنسبة للقاضي، ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة للفصل في تلك الحالة من النزاع المعروض عليه، ولذلك كان من المقرر أنه لا يقبل رفع دعوى إلى القضاء، يطلب فيها صاحبها تفسير قاعدة قانونية غامضة، بل يجب أن يكون ذلك بمناسبة نزاع فعلي معروض على القضاء (١).

ولقد كان طبيعيًا، أن يتأثر القاضي حين يفسر التشريع: بالظروف المحيطة والحاجات العملية، وما يمكن أن يترتب على تطبيق الرأي الذي يجنح إليه من نتائج في واقع الحياة؛ ولذلك فإنه يعمل دائمًا على جعل أحكام القانون، متمشية مع مقتضيات الأحوال، متفقة مع سير العدالة.

[٣ - التفسير الفقهي]

أما التفسير الفقهي: فهو الذي نجده منثورًا في مباحث الفقهاء وشروحهم، وإذا عرض الفقيه لنص تشريعي: بحث فيه بشكل عام ليحصل على الحكم القانوني الذي يقصد المشرع إليه من النص، دون أن تكون أمامه حالة واقعية يهدف إلى تعرف حكم القانون فيها، ويستعين الفقيه على ما يريد من أبحاثه، بقواعد المنطق السليم، معتمدًا على ما تؤدي إليه هذه القواعد، دون نظر إلى النتائج العملية التي يمكن أن يؤدي إليها تطبيق التشريع حسب تفسيره الذي جنح إليه، فهو في بحثه: بعيد عن تلك الظروف والاعتبارات العملية التي تصحب الواقعة المعروضة على القضاء؛ فالتفسير عنده غاية لا وسيلة.

[بين التفسير القضائي والتفسير الفقهي]

وهكذا نلاحظ أن ما يغلب على التفسير القضائي: هو الطابع العملي، بينما يغلب على التفسير الفقهي: الطابع النظري؛ فالقاضي يراعي في تفسيره


(١) انظر: "شرح القانون المدني المصري الجديد" (الباب التمهيدي) للدكتور كامل مرسي (ص ٨٧ - ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>