للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ﴾ [الأنعام: ٩١] (١) وإنما أورد هذا نقضًا على كلامهم، ولو لم يكن عامًا، لما ورد النقض عليهم، فإن هم أرادوا غير موسى: فَلِمَ لزم دخول موسى تحت اسم البشر (٢).

أما الاستحلال بالعموم: فإذا قال الرجل: أعتقت عبيدي وإمائي ومات عقيب قوله: جاز لمن سمعه أن يزوج من أي عبيده شاء، ويتزوج من أي جواريه شاء بغير رضا الورثة. وإذا قال: العبيد الذين هم في يدي: مِلكٌ لفلان، كان ذلك إقرارًا محكومًا به في الجميع. وبناء الأحكام على أمثال هذه العمومات في جميع اللغات لا ينحصر.

ولا خلاف في أنه لو قال: أنفق على عبدي غانم، أو على زوجتي زينب، أو قال: غانم حر، وزينب طالق، وله عبدان: اسمهما غانم، وزوجتان اسمهما زينب، فتجب المراجعة والاستفهام؛ لأنه أتى باسم مشترك غير مفهوم.

فإن كان لفظ العموم فيما وراء أقل الجمع مشتركًا: فينبغي أن يجب التوقف على العبد إذا أعطى ثلاثة ممن دخل الدار، وينبغي أن يراجع الباقي، وليس كذلك عند العقلاء كلهم في اللغات كلها (٣).

[دعوى القرائن ورد الغزالي عليها]

ولقد أتى الغزالي بما قد يرد من أن العموم فيما تقدم إنما كان بالقرائن.

وأجاب عن ذلك حيث قال:

(فإن قيل: إن سلم لكم ما ذكرتموه: فإنما يسلم بسبب القرائن لا بمجرد اللفظ، فإن عريَ من القرائن: فلا يسلم. قلنا كل قرينة قدرتموها: فعلينا أن نقدر نفيها ويبقى حكم الاعتراض والنقض كما سبق، فإن غايتهم


(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ٣٤).
(٢) "المستصفى" (٢/ ٤٩).
(٣) راجع: "المستصفى" (٢/ ٤٩ - ٥٠)، وانظر: "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني (ص ١١) بتحقيق المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>