للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل يقوِّي العدول عن الظاهر إليه، وهذا الرأي هو ما جنح إليه ابن الهمام من كبار الحنفية كما سبق (١).

* * *

[المطلب الثاني من أحكام الصيام والذبائح]

أولًا - تبييت النية في الصيام:

ومما يذكر في تأويلات الحنفية البعيدة: تأويلهم لقوله فيما رواه ابن عمر : "مَن لم يبيِّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له" (٢).

وبيان ذلك: أن الشافعية يشترطون لصحة الصيام فيما عدا النقل: تبييت النية من الليل؛ سواء في ذلك فرض رمضان، والكفارة، والنذر - مطلقًا كان أو معينًا - مستدلين بالحديث المذكور.

ومنزع الاستدلال عندهم، أن قوله : "لا صيام" نكرة في سياق النفي، فتعُمُّ كل صيام، وعلى هذا: فلا يخرج عن ذلك إلا ما قام عليه الدليل، والنفيُ في نظرهم متوجه إلى الصحة أو ذات الصوم الشرعي.

وهكذا يكون الحديث ظاهر الدلالة على وجوب تبييت النية في جميع أنواع الصوم، دون تمييز بين فرض، أو نقل؛ وسواء أكان الفرض معينًا أم غير معين (٣).


(١) انظر ما سبق (ص ٣٣١).
(٢) أخرجه النسائي (٢٣٣١)، وأبو دارد (٢٤٥٤)، ابن ماجه (١٧٠٠)، وانظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (١/ ٣٢٥).
(٣) راجع: "المنهاج" مع "مغني المحتاج" (١/ ١٢٣) وهذا التبييت هو مذهب مالك وأحمد. انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٩٢)، "المغني" لابن قدامة (٣/ ٩١ - ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>