للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن صوم النفل خرج من عموم الحديث، لدليل دلّ على أن الحديث قاصر في وجوب تبييت النية على ما عدا التطوع، فكان مذهبهم أن صوم الناقلة يجوز بنيةٍ في النهار، شريطة أن تكون قبل زوال الشمس على الراجح (١).

والدليل: هو ما جاء في الحديث عن السيدة عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله ذات يوم فقال: "هل عندكم من شيء؟ " فقلنا: لا، فقال: "فإني إذن صائم" ثم أتانا يومًا آخر، فقلنا: يا رسول الله أُهدي لنا خَيْسٌ، فقال: "أرينيه فلقد أصبحت صائمًا" فأكل (٢).

ويبدو أن هذا كان فيما بعدُ من عمل الصحابة رضوان الله عليهم. قال البخاري: (وقالت أم الدرداء: كان أبو الدرداء يقول: عندكم طعام؟ فإن قلنا: لا، قال: فإني صائم يومي هذا. قال: وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن عباس، وحذيفة ) (٣).

أما الحنفية: ففيما عدا صوم التطوع، قسموا الصوم الواجب إلى قسمين:

أ - ما يتعلق بزمان بعينه؛ كصوم رمضان، والنذر المعين.

ب - ما يثبت في الذمة؛ كقضاء رمضان، والنذر المطلق وصوم الكفارة.


(١) قال ابن حجر في "الفتح": (وهذا هو الأصح عند الشافعية، والذي نقله ابن المنذر عن الشافعي من الجواز مطلقًا سواء أكان مثل الزوال أم بعده: هو أحد القولين للشافعي) "فتح الباري" (٤/ ١٠٠).
(٢) رواه أحمد (٢٦٢٥٠) ومسلم وأصحاب السنن واللفظ لمسلم (٢٧٠٧)، وفي لفظ للنسائي قال: "يا عائشة، إنما منزلة مَن صام في غير رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل اخرج صدقة ماله، فجاد منها بما شاء فأمضاء، وبخل منها بما شاه فأمسكه" أبو دارد (٢٤٥٥) الترمذي، (٧٣٣، ٧٣٤)، النسائي (٢٣٢٤، ٢٣٢٥، ٢٣٢٦) ابن ماجه (١٧٠١).
والحيس: تمر يُنزع نواء ويُدق مع أقِط ويعجنان بالسمن حتى يبقى كالثريد. وانظر: "صحيح مسلم" مع شرحه "المنهاج" للنووي (٨/ ٢٧٥ - ٢٧٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٩٩)، "النووي على مسلم" (٨/ ٣٤)، "نيل الأوطار" مع "منتقى الأخبار" (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>