يجزئ عن الأربعين شاةً: شاةً بعينها إلى قيمة الشاة المالية، فليس الضروري عندهم عين الشاة، بل يمكن أن تجزئ القيمة، ذلك أن حكمة التشريع نفع الفقير، ونفع الفقير - كما يتحقق بالشاة - يتحقق بقيمتها، بل قد يكون من الأنفع للفقير أن يعطى القيمة.
* * *
[المطلب الثاني أنواع التأويل]
قدّمنا أن الدليل الذي ينبني عليه التأويل، يجب أن يكون راجحًا على ظهور اللفظ في المعنى الذي يدل عليه، لذا كان طبيعيًا أن يسير مع درجة القرب أو البُعد للاحتمال. ومن هنا كان التأويل على مراتب: فقد يكون قريبًا، وقد يكون بعيدًا، وقد يكون في مرتبة هي أدنى إلى القرب، وفي أخرى أدنى إلى البُعد، وهي مرتبة التوسط. والواجب لكل نوع من هذه الأنواع مرجّحٌ يتناسب معه؛ فالتأويل القريب يكفي فيه أدنى مرجح، وعلى عكسه: البعيد، فيحتاج إلى المرجح القوي لجعله راجحًا على المعنى الظاهر من الكلام.
وعلى كلٍّ: فلذوق الفقيه المتأول الأثر الكبير في اعتبار هذه المراتب، وتقويم حدودها، كما يظهر ذلك من تتبُّع الأمثلة، والنماذج في كتب الأصول والفروع …
وها نحن أولاء نقدّم صورًا لكل من التأويل القريب والتأويل البعيد في نظر الباحثين، تضيء السبيل لما بينهما، مما هو أدنى إلى القرب أو أدنى إلى البُعد، حسب اتجاهات العلماء في الحكم على التأويل، ومرجحات ما يذهب إليه كل فريق.
[من التأويل القريب]
أ - فمن التأويل القريب ما روى البيهقي عن الشافعي في قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١] أنه قال: (إلا وجهها