الدليل فيه - كما قال ابن دقيق العيد - أن النقصان محسوس بإخراج القدر الواجب، فلا يكون غير ناقص إلا بزيادة تبلغه إلى ما كان عليه.
أو على معنًى أن متعلقها الأموال ذات النماء كعروض التجارة، والزراعة، وسميت بالنماء لتعلقها بها.
أو على معنى مضاعفة الثواب، كما جاء "إن الله يربي الصدقة حتى تكون كالجبل"(١).
أما الاعتبار الثاني: فلأنها طهرة للنفس من رذيلة الشح، أو لأنها تطهِّر المكلَّف من الآثام.
بيان السنّة للإجمال في الزكاة:
ومهما يكن من أمر الصلة بين المعنى اللغوي، والمعنى الشرعي من حيث النماء والتطهير في كليهما: فإن لفظ (الزكاة) أصبح مجملًا بعد أن كسته الشريعة هذا الثوب، بما أعطته من مدلول خاص، لم يكن معروفًا من قبل.
وإذا كان القرآن قد أمر بالزكاة، وقرنها بإقامة الصلاة في أكثر من موطن من الآي، كما في قول الله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣ و … ]. وتوعد مَن لا يؤتيها بعذاب من عنده كما في قوله سبحانه: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٧)﴾ [فصلت] وجعلَ عدم الإيتاء من صفات المشركين للتخويف من منعها، كما في قوله جلّ ذكره:
(١) "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (١/ ٤٠٣)، والحديث ذكره ابن دقيق العيد بهذا اللفظ، وفي "معجم الزوائد" عن عائشة قالت: قال النبي ﷺ: "إن الله يقبل الصدقة ويربيها لأحدكم، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله" رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. "معجم الزوائد" (٣/ ١١). وعند مسلم من رواية أبي هريرة: "ولا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها كما يربي أحدكم فَلُوَّه أو قَلُوصه حتى تكون مثل الجبل أو أعظم" (٢٣٤٠).