للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شذوذَه، إنا لا نوافق على ما كان من الحكم على كلام أبي جعفر الطحاوي في هذه النقطة بالغثاثة، وأنه لا أصل له، مع اعتقادنا أن الطحاوي أبعَد في تأويله أكثر مما أبعد من قبله.

والذي يدعونا إلى وقوف هذا الموقف، أن الاحتمال - وإن كان ضعيفًا - موجود، وما دام الأمر كذلك: فلا داعي لهذا الإغراق في الحط من قدر ما ذهب إليه أبو جعفر. وقد ذكرنا سابقًا ما للذوق الفقهي من أثر في المرتبة التي يعطاها التأويل المقبول، ورحم الله الإمامين كليهما وأجزل لهما المثوبة.

ثانيًا - ذكاة الجنين:

اختلف العلماء في حكم الجنين يخرج من بطن أمه المذكَّاة ميتًا: هل تعتبر ذكاة أمه ذكاة له؛ فيحل أكله دون حاجة إلى تذكية جديدة أم يعتبر حرامًا لا يحل أكله، لأن ذبح أمه ليس ذبحًا له؟

ذهب الثوري، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، إلى أن ذكاة الجنين ذكاةُ أمه، فيحل أكله ولا يحتاج إلى ذبح جديد (١).

وقال مالك: يحل إذا خرج وقد أشعر - أي نبت عليه الشعر - لرواية عن ابن عمر في هذا (٢).

وذهب أبو حنيفة وزفر، والحسن بن زياد (٣) إلى أنه لا يحل أكله. وقد


(١) راجع: "المنهاج" للنووي مع شرحه "مغني المحتاج" للشربيني الخطيب (٣/ ٣٠٧)، المقنع" لابن قدامة مع الحاشية (٣/ ٥٤١ - ٥٤٢)، "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٤٢).
(٢) وروى معمر عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك: كان أصحاب رسول الله يقولون: "إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه".
وانظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٤٤٢ - ٤٤٣)، "المقنع" لابن قدامة مع الحاشية (٣/ ٥٤١ - ٥٤٢) "جامع الترمذي" (١٤٧٦) (ص ٣٤٨).
(٣) نسب هذا القول إلى الحسن بن زياد الكاساني في "البدائع" (٥/ ٤٢)، أما الشوكاني في "نيل الأوطار" (٨/ ١٥١) فقد نسب إليه ما يقوله الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>