(٢) وقد جاء شمس الأئمة السرخسي بمسألة (الرؤية في الآخرة) مثالًا للتشابه. فرؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة حق معلوم ثابت بالنص - كما يقول - وهو قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣] ثم هو موجود بصفة الكمال، وفي كونه مرئيًا لنفسه ولغيره معنى الكمال إلا أن الجهة ممتنعة، فإن الله تعالى لا جهة له. فكان متشابهًا فيما يرجع إلى كيفية الرؤية والجهة، مع كون أصل الرؤية ثابتًا بالنص معلومًا كرامة للمؤمنين … وبعد أن شنع ﵀ على المعتزلة بيّن كيف أن المؤمنين أثبتوا ما هو الأصل المعلوم بالنص وتوقفوا فيما هو المتشابه وهو الكيفية، فلم يجوَّزوا الاشتغال بطلب ذلك كما وصف الله به الراسخين في العلم فقال: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ "أصول السرخسي" (١/ ١٧٠).