للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولئن كان هذا النص النبوي يدل بمنطوقه على ذلك، إنه يدل بمفهومه على أن مَطْل المدين الفقير لا يبيح عرضه ولا عقوبته، وإنما قلنا ذلك: لانتفاء وصف الغنى الذي قُيّد به ذلك الحكم الذي دلّ عليه المنطوق.

[٢ - مفهوم الشرط]

(وهو دلالة اللفظ الذي علق الحكم فيه بشرط: على ثبوت نقيض هذا الحكم للمسكوت الذي انتفى عنه ذلك الشرط).

١ - وذلك كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦].

فإنه يدل بمنطوقه على وجوب النفقة للمطلقة طلاقًا بائنًا - وهي المبتوتة - إذا كانت حاملًا. ويدل بمفهومه المخالف: على أن المبتوتة التي لا يتوافر فيها شرط الحمل - فتكون حائلًا -: لا تجب لها النفقة؛ لانتفاء الشرط الذي علق عليه الحكم في المنطوق.

فانتفى الحكم - وهو النفقة - بانتفاء الشرط - وهو الحمل - قال الإمام الشافعي بعد أن ذكر الآية: (فلما أوجب الله لها نفقة بالحمل: دلّ من أن لا نفقة لها بخلاف الحمل) (١).

٢ - ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥].

ولئن جئنا بهذا النص سابقًا في معرض "مفهوم الوصف": إنه يدل


(١) راجع: "مختصر المزني" (٥/ ٧٨)، "أحكام القرآن" للشافعي (١/ ٢٦١ - ٢٦٢) قلت: وفي "الأم" (٥/ ٢١٩) بعد أن أورد الشافعي الآية قال: (دلّ على أن الصنف الذي أمر بالنفقة على ذوات الأحمال؛ منهن صنف دلّ الكتاب على أن لا نفقة على غير ذوات الأحمال منهن لأنه إذا وجب لمطلقة بصفة نفقة، ففي ذلك دليل على أنه لا يجب نفقة لمن كانت في غير صفتها من المطلقات) فنظر الشافعي إلى الصفة. والذين يوردون الآية في معرض مفهوم الشرط: ينظرون إلى اشتراط هذه الصفة وتعليق الحكم على وجودها، والمآل واحد، ففي الآية (مفهوم) وصف من وجه، (ومفهوم شرط) من وجه آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>