للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع المتشابه]

وآخر ما عدَّه أصوليو الحنفية من أقسام المبهم هو (المتشابه) وقد اعتبروه أشد هذه الأقسام خفاء وإيغالا في الإبهام.

والمتشابه في اللغة مأخوذ من: اشتبهت الأمور وتشابهت: التبست لإشباه بعضها بعضًا، وشبَّه عليه الأمر: لبَّس عليه (١).

[المتشابه في الاصطلاح وتطور النظر إليه عند الحنفية]

أما في الاصطلاح: فقد مرّ المتشابه عند الحنفية بمرحلتين:

أولاهما: المرحلة التي كان ينظر إليه فيها من خلال معنى المتشابه عربيةً، فهو أقرب إلى المفهوم اللغوي حيث يدل الاشتباء لغةً على الالتباس والتماثل والتشابه كما مرّ آنفًا، وتعريفهم له يدل على ذلك؛ فقد عرّفه أبو الحسن الكرخي بقوله: (المتشابه: ما يحتمل وجهين أو أكثر) فهو ذلك اللفظ الذي يتردد بين معنيين أو أكثر، وإنما يترجح واحد من المعنيين أو المعاني التي يحتملها، بقرينة تقوم على ذلك. وإذا كان الأمر كذلك، فإن مجال وجوده وتطبيقه دائرة الأحكام التكليفية.

وتنتهي هذه المرحلة - فيما نقدر - بانتهاء القرن الرابع الهجري على وجه التقريب.


(١) والمشتبهات من الأمور: المشكلات، والمتشابهات: المتماثلات يقال أيضًا: إياك والمشبهات: الأمور المشكلات، ومن ذلك: كما في "النهاية" حديث حذيفة وذكر فتنة فقال: (تشبه مقبلة، وتبين مدبرة) أي أنها إذا أقبلت شبهت على القوم، وأرتهم أنهم على الحق حتى يدخلوا فيها، ويركبوا منها ما لا يجوز، فإذا أدبرت وانقضت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنه كان على الخطأ.
وانظر: "أساس البلاغة" للزمخشري (ص ٢٢٨)، "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ٢٠٣)، "لسان العرب" المادة (شبه).

<<  <  ج: ص:  >  >>