للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعًا أصلًا (١) وقد قال رسول الله : "مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢).

ثم إن المنقول عن السلف احتجاجهم بالنهي على بطلان بعض التصرفات الشرعية: فقد احتج عمر على أن نكاح المشركات باطل بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١] ولم ينكر عليه منكر (٣).

واحتج الصحابة على بطلان عقود الربا بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] وقوله سبحانه: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٨] وقول الرسول في حديث الأشياء الستة: "ولا تبيعوا الذهب بالذهب … " (٤) الحديث.

[ما استدل به الحنفية]

يرى الحنفية أن كون النهي عن الأمر الشرعي لوصفه، يقتضي مشروعيته بأصله؛ فالنهي عنه لوصفه، لا يستوي مع النهي عنه لذاته وحقيقته؛ لأنه لو كان الأمر كذلك: لامتنع المسمى - وهو ذلك الأمر المشروع - لامتناع كونه قبيحًا لعينه، حال كونه مشروعًا أمر به الشارع (٥).

فمثلًا: النهي عن صوم العيد: معناه أمر الشارع المكلف بالامتناع عن إحداث صيام يوم العيد على وضعه الشرعي؛ فلو اعتبر النهي عن الصيام، نهيًا لذات الصوم وحقيقته، لكان الصيام يوم العيد قبيحًا لذاته، أي لأنه صيام، ولا يمكن أن يكون ذلك في عرف الشريعة وقواعدها؛ لأن الصيام


(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٨٢ - ٨٣)، "منهاج الوصول" للبيضاوي وشرحه للإسنوي (١/ ٧٤) فما بعدها مع البدخشي، "سلم الوصول لشرح نهاية السول" للشيخ محمد بخيت المطيعي (٢/ ٢٩٦) فما بعدها.
(٢) انظر ما سلف (٢/ ٣٢٢).
(٣) راجع: "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ١٤٤)، "الإحكام" للآمدي (٢/ ٢٧٩).
(٤) انظر ما سلف (١/ ٢٤٩).
(٥) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢١٦) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>