للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سليمان: (في هذا بيان أن كل شيء نهى عنه من عقد نكاح، وعقد بيع، وغيرهما من العقود، فإنه منقوض مردود؛ لأن قوله: "فهو رد" يوجب ظاهره إفساده - يعني الأمر المحدَث - وإبطاله، إلا أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر، فيترك الكلام عليه لقيام الدليل فيه. والله أعلم) (١).

وعندما روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي أنه قال: "ألا هلك المتنطّعون" - ثلاث مرات - قال الشيخ الخطّابي: (المتنطّع: المتعمّق في الشيء، المتكلف للبحث عنه، على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. فيه دليل على أن الحكم بظاهر الكلام، وأنه لا يترك الظاهر إلى غير ما كان له مساغ وأمكن فيه استعماله) (٢).

ثانيًا - ما الذي يدخله التأويل؟

يرى الباحث أن ما يمكن أن يدخله التأويل قسمان:

القسم الأول: أغلب نصوص الأحكام التكليفية؛ لأن عوامل الاحتمال موفورة. ولا ضرر في ذلك ما توافر للفقيه دين يعصمه، واستقامة تُبعده عن الوقوع في مزالق الهوى، وتنأى به عن الانحراف، إلى جانب ما يلزم توافره من المعرفة بالعربية، وطرائق الخطاب في الكلام والسنّة، ومناهج العلماء في ذلك، حين يراد له أن يحمل مسؤولية استنباط الأحكام من كتاب الله وسنّة رسوله - صلوات الله عليه - المبين عن الله ما أراد.

وقد علمنا من قريب، أنه حتى بعض أقسام الواضح عند الحنفية والمتكلمين: تحتمل التأويل …


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٤/ ٢٩٩).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٠٠). وانظر لابن القيم في "إعلام الموقعين" (١٣/ ١١٩ - ١٢٢) كلامًا ضافيًا ونقولًا عن الشافعي حول هذه النقطة من أن الواجب حمل الكلام على ظاهره الذي هو ظاهره وهو الذي يقصد من اللفظ عند التخاطب، ولا يتم الفهم والتفهيم إلا بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>