للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن استبعد هذا التأويل: ابن الحاجب (١) والزيدية (٢)، والأكثرون من الإباضية الذين قرروا - كما ذكر السالمي الإباضي (٣) - أن الحنفية بهذا التأويل ألغوا بعض لفظ الحديث، وهو شاة، وقدروا فيه ما ليس منه، وهو قيمة الشاة، من غير سبب يقتضي هذا التقدير، وبلا علة توجب ذلك الإلغاء، مع أنه يمكن أن يكون المقصود ذات الشاة لأجل البركة والنمو في المال (٤).

[رأي بعض الإباضية]

وقد نزع إلى جواز إخراج قيمة الشاة عن الشاة نفسها في الزكاة، بعض الإباضية؛ ولكن يرى السالمي أن نزوعهم إلى هذا الرأي، لم يكن بحمل الشاة على قيمتها تصنيع الحنفية، بل لعله كان من باب القياس، حيث قاسوا القيمة على الشاة، بجامع أن كلًا منهما دفع الحاجة الفقير (٥).

وأنت ترى أن الفرق يسير بين هؤلاء وبين الحنفية؛ فالمؤدى واحد وإن اختلفت السبيل، على أن طريق الحنفية أقوم، فقد أوّلوا واستندوا إلى القوي من الدليل حين حكموا بأخذ القيمة، ولم يحكّموا قياسًا مع وجود النص.

ويبدو أن السالمي لم يرتضِ لذويه تأويل الحنفية، فطرّق احتمال أن يكون صنيعهم في دائرة القياس.

[رأينا في المسألة]

وفي رأينا أن الأمر في هذه المسألة من التأويل، يختلف عن سابقتها في


(١) راجع: "مختصر المنتهى" بشرح العضد (١/ ٣٠٥).
(٢) انظر: "المنهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" (ق ٤٨ - ٤٩).
(٣) هو عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي أبو محمد فقيه مؤرخ من أعيان الإباضية، من تصانيفه: "شرح طلعة الشمس على ألفيته المسماة شمس الأصول" في أصول الفقه، "تحفة الأعيان في تاريخ عمان". توفي في عمان سنة ١٣٣٢ هـ.
(٤) راجع: "طلعة الشمس" للسالمي (١/ ١٧١ - ١٧٢).
(٥) راجع: المصدر السابق (١/ ٣٧٢)، "النيل وشفاء العليل" في فقه الإباضية لعبد العزيز بن إبراهيم مع شرحه لمحمد بن يوسف أطفيش (٢/ ٩٢ - ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>