للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين قرر (أن المؤثر في ظنية العام من حيث الدلالة على العموم: كثرةُ إرادة البعض فقط، لا مع اعتبار تسميته مخصصًا في الاصطلاح إذ لا دخل للتسمية في هذا المعنى) (١).

[موقف الخضري من ابن الهمام ورأينا في ذلك]

ومن العجيب أن الشيخ الخضري لم يرتض ملاحظة الكمال على هذا الرد، وقرر أنه لا حقَّ له في ذلك؛ لأن الخلاف ليس في الأسامي والاصطلاحات وإنما هو خلاف حقيقي.

فقد جاء باستدلال الجمهور بمسألة (ما من عام إلا خصص) ثم بردّ بعض الحنفية عليه بما يشترطونه للتخصيص من كون الدليل المخصص مستقلًا مقترنًا وقال: (وهو كلام وجيه جدًّا بناء على ما قرره الحنفية من اشتراط المقارنة في المخصص، وأن النص المتراخي فضلًا عن أنه لا يسمى مخصصًا، لا يدل على أنه أريد بالعام بعض أفراده. ومن هذا يفهم أنه لا حق لابن الهمام في ملاحظته على هذا الرد، لأن الخلاف ليس في الأسامي والاصطلاحات وإنما هو خلاف حقيقي) (٢).

صحيح أن الخلاف بين كون العام قطعي الدلالة أو ظنيها خلاف حقيقي لما ترتب عليه من الآثار، التي كان لها شأن في الفروع والأحكام - كما سيأتي - ولكن الذي يريده ابن الهمام ومن قبله السعد التفتازاني ينصبُّ - في رأينا - على فكرة الاحتمال على إطلاقها. ومن هنا جاءت الملاحقة على التقييد بالمستقل المقترن؛ إذ هو اصطلاح القائلين بهذا القول وحدهم.

وهذا ينفي الوجاهة التي أرادها الخضري: فالراجح - كما يبدو - ما ذهب إليه التفتازاني وابن الهمام.


(١) راجع: "التحرير" مع "شرحه تيسير التحرير" (١/ ٢٦٦).
(٢) راجع: "أصول الخضري" (ص ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>