للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهمية هذه الآيات وفسّروها على غير ما فسّر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إنما معنى اليد القوة، وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع. فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع: فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله: يد، وسمع، وبصر، ولا يقول مثل: سمع ولا كسمع: فهذا لا يكون تشبيهًا وهو كما قال الله : (﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)[الشورى: ١١]). اهـ. وكلامهم هذا مردود ظاهر عواره.

[حكم هذا المتشابه]

وحكم المتشابه عند أهل هذا الاتجاه اعتقاد حقِّيَّته، والتسليم بترك طلب المراد منه والاشتغال بمحاولة الوقوف عليه، فيكون العبد مبتلًى بالاعتقاد نفسه، والتسليم لما يرد في النص؛ لأن ذلك من سمات المؤمن وصدق يقينه. قال أبو زيد الدبوسي: (وأما المتشابه: فحكمه التوقف أبدًا على اعتقاد الحقِّيَّة للمراد به فيكون العبد مبتلًى به بنفس الاعتقاد لا غير والله أعلم وهذا على رأي الجمهور حيث قراءة الوقف على لفظ الجلالة في قوله: ﴿إِلَّا الله﴾ (١)).

[ما نراه في أمر المتشابه]

وإذا كنا قد اكتفينا بهذه الإلماحة عن (المتشابه) بهذا المعنى، فلم نفصّل القول في كلام العلماء حول وجود المتشابه في القرآن، والمذاهب فيما يمكن أن يعتبر من المتشابه أو لا يعتبر، والاختلاف في قراءة ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)[آل عمران: ٧]، وما ينبني عليه من علم الراسخين في العلم، وإمكان الوقوف على المعنى المراد، أو عدم علمهم … إلى غير ذلك من المسائل. فإنما كان ذلك لاعتقادنا أن موطن هذه المسائل كلام المفسرين، وما عليه السلف في مضمون قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ


(١) انظر: "أصول الفقه" للخضري (ص ١٦٤ - ١٦٥)، "أصول الفقه" لأستاذنا أبي زهرة (ص ١٢٨ - ١٢٩) "دلالة الكتاب والسنّة" لزكي الدين شعبان (ص ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>