للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أوضح السعد التفتازاني العلاقة بين الطلب الجازم في اللغة، وترتيب المقلب على الترك في الشرع، حيث أفاد الوجوب، فقال: (الأمر حقيقة لغوية في الإيجاب بمعنى الإلزام وطلب الفعل وإرادته جزمًا، وحقيقة شرعية في الإيجاب بمعنى الطلب والحكم باستحقاق تاركه الذم والعقاب لا بمعنى إرادة وجود الفعل، والأدلة يدل بعضها على الأول وبعضها على الثاني) (١).

وهكذا نرى أن هذه الشريحة التي جاءت بلسان عربي مبين: يدل الأمر في نصوصها على الوجوب، إذ إن الأمر في أصل اللغة حقيقة في جزم الطلب، وجاء الشرع فأمر ورتب على ترك المأمور به المؤاخذة والعقاب، فكانت دلالة الأمر على الوجوب في نصوص الشريعة العربية تابعة من اللغة والشرع معًا.

ولقد سار استدلال القائلين بالوجوب في طريقين:

أولهما: الاستشهاد بموقف أعلى اللغة والسلف من دلالة الأمر، بما يعطي أنه للوجوب.

الثاني: استقراء دلالة الأمر في عدد من نصوص الكتاب والسنة، مما دل على أنه للوجوب.

[الدليل الأول]

أ - من المعلوم أن الأمر في اللغة - كما ذكرنا آنفًا - هو للطلب الجازم، ومن الأمور التي لا تقبل الجدل أن أهل اللغة متفقون على ذم من يخالف الأمر، فلو أمر والد ولده بأمر فلم يمتثل عدَّ عاصيًا، ولا يُذم ويوصف بالعصيان، إلا من كان مخالفًا لما كان عليه أن يفعله (٢).


(١) راجع: "التلويح على التوضيح" (١/ ١٥٣)، "طلعة الشمس" للسالمي الإباضي (٢/ ٣٨ - ٣٩).
(٢) راجح: "مختصر المنتهى". مع "العضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨٠)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٠٤) "الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية" (ص ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>