وهكذا أنهى صاحب "فتح القدير" رده على القول بأن قياس المكره على الهازل قياس مع الفارق برد آخر. وردّ على الحنفية بتفريقهم بين المكره في الطلاق والمكره في العقود - من بيع وشراء وإجارة وغيرها - بأن حكم البيع أو غيره من هذه العقود، يتعلق باللفظ وما يقوم مقامه مع الرضا، وهو منتفٍ بالإكراه، فما دام غير راض بالحكم فله أن يفسخ العقد، بخلاف الإكراه في الطلاق: فإن عدم الرضا غير مخل به، فيقع طلاق المكره. ولا ينعقد بيع المكره أو شراؤه أو إجارته. وهكذا يفرق الحنفية بين نوعَيّ الأسباب الناقلة للملكية، فما كان منها قابلًا للفسخ كالبيع والشراء والإجارة: لا بد فيه من الرضا، ولذلك لا يلزم بالإكراه؛ فمَن أُكره على البيع: لا يلزمه، لانعدام الرضا الذي هو شرطه. أما ما كان منها لا يقبل النسخ: كالطلاق والخلع، فلا يشترطون فيه الرضا لترتب الحكم، فمَن أُكره على الطلاق: فطلاقه واقع، ومَن أكره على الخلع: فخلعه صحيح. انظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٣/ ٣٩)، "التلويح على التوضيح" (٢/ ١٩٧)، "فرق الزواج" لأستاذنا الشيخ علي الخفيف (ص ٥٧).