للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاهر ويجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئًا من أوصاف الماء، فلا يجزئ حينئذ استعماله أصلًا، لا له ولا لغيره (١).

[رأي النووي وابن دقيق العيد في المسألة]

لقد حكى النووي هذا القول عن داود بن علي، وقرّر أن الذي ذهب إليه خلاف إجماع العلماء وهو أقبح ما نقل عنه في الجمود على الظاهر.

وحين جاء ابن دقيق العيد على ذكر هذا الحكم، قرر فيه أن مما يعلم بطلانه قطعًا، ما ذهبت إليه الظاهرية الجامدة، من أن الحكم مخصوص بالبول في الماء.

والعلم القطعي حاصل ببطلان قولهم: لاستواء الأمرين في الحصول في الماء، وأن المقصود اجتناب ما وقعت فيه النجاسة من الماء. وليس هذا من مجال الظنون، بل هو مقطوع به (٢).

فابن دقيق العيد - وهو ذاهب مذهب الجمهور - يرى أن مدلول الحديث عام في اجتناب ما وقعت فيه النجاسة، لا أنه مخصوص بالبول في الماء. ومن إسناد الحكم إلى الظاهرية الجامدة - على حد تعبيره - يفهم أن الرأي ليس رأي ابن حزم فقط إنما هو رأي المذهب. يؤيد ذلك أن النووي نسب ذلك إلى داود (٣).

٣ - مدلول قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨]:

ذهب ابن حزم مستدلًا بهذه الآية إلى الحكم بنجاسة الكفار نجاسة عين: وقد صرّح بأن لعاب الكفار من الرجال والنساء - الكتابيين وغيرهم -


(١) "المحلى" (١/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٢) "إحكام الأحكام" (١/ ٦٥). وانظر: "سبل السلام" للصنعاني (١/ ٢٧).
(٣) "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>