للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن أبا جعفر الطحاوي من أئمة الحنفية - أراد أن يخرج المسألة عن حدود المطلق والمقيد، فحاول الجمع بين الروايتين بأن جعل قيد "الإسلام" في "من المسلمين"، صفة المخرجي الصدقة لا للمخرَج عنهم، وأُراني أميلَ إلى ما ذهب إليه الصنعاني من أن هذا التأويل يأباه ظاهر الحديث (١).

أما الشافعية ومن معهم من المالكية والحنابلة: فقد حملوا المطلق على المقيد، فلم يعتبروا إلا الإسلام سببًا في وجوب صدقة الفطر، وجنح إلى ذلك الشوكاني (٢).

وبناءً على ما تقدم أوجب الحنفية على المسلم صدقة من يمون من مسلمين وغيرهم (٣).

وقال غير الحنفية ممن ذكرنا: لا يخرج المسلم الصدقة إلا عمن يمون من المسلمين.

[مدى تطبيق القاعدة عند الحنفية]

هذا: وقد أُورد على الحنفية: أنهم لم يلتزموا هذه القاعدة عند التطبيق في بعض النصوص.

فإذا كانوا قد التزموها في صدقة الفطر، فأوجبوا على المسلم زكاة من


(١) انظر: "سبل السلام" (٢/ ١٨٧).
(٢) انظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ١١٣)، "المغني" لابن قدامة (٣/ ٥٦)، "حاشية الدسوقي على الدردير" (١/ ٥٠٥)، "نيل الأوطار" (٤/ ١٥٤).
(٣) "الهداية" مع "فتح القدير" (٢/ ٣٥)، "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني (ص ١٣٥). هذا: وممن قال يقول الحنفية: الإمام ابن حزم، فقد صح عنده - إلى جانب رواية لأبي سعيد: "من المسلمين" - رواية أبي هريرة: "ليس علي المسلم في فرسه وعبده صدقة، إلا صدقة الفطر في الرقيق" وقد عمل بهذه الرواية لأن ما فيها زائد على ما جاء فيما قبلها ولا تعارض بين الروايتين قال: (فوجبت تأدية زكاة الفطر على السيد عن رقيقه لا على الرقيق) "المحلى" (٦/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>