للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن في هذا التأويل تقديرًا لكلمة التشبيه، وهي الكاف أو مثل فكأنه قال: "كذكاة أو مثل ذكاة أمه" والأصل عدم التقدير، وارتكاب خلاف الأصل يحتاج إلى دليل.

واعتبر الخطابي لفظ "ذكاة أمه" تعليلًا، ولم يرضَ الجنوح إلى أنه من التشبيه؛ فحين ادّعى بعض المتأولين أن التشبيه هنا على معنى قول الشاعر:

فَعَيْناكِ عَيناها وَجِيدُكِ جِيدُها

أي كأن عينيك عيناها في الشبه، وجيدك جيدها، ردّ أبو سليمان ذلك بأن هذه القصة تبطل التأويل وتدحضه، لأن قوله: "فإن ذكاته ذكاة أمه" تعليل لإباحته من غير إحداث ذكاة ثانية. فثبت أنه على معنى النيابة عنها (١).

رواية النصب وموقف المنذري (٢):

على أن البعض يؤيد التأويل بحمل الحديث على التشبيه، وذلك بما ورد من النصب في بعض الروايات.

فقد جاء في "النهاية" لابن الأثير: (أن الحديث يروى بالرفع والنصب، فمَن رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو ذكاة أمه، فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين، فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف. ومن نصَب كان التقدير ذكاة الجنين كذكاة أمه، فلما حذف الجارّ نصب أو على تقدير: يذكّى تذكية مثل ذكاة أمه. فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامه. فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيًا. ومنهم من يرويه بنصب الذكاتين أي ذكوا الجنين ذكاة أمه) (٣).


(١) "معالم السنن" (٤/ ٢٨٢).
(٢) هو الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله، أبو محمد زكي الدين المنذري صاحب "الترغيب والترهيب" و "المختصر" وغيرهما، توفي سنة ٦٥٦ هـ.
(٣) "النهاية" (٢/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>