للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والروايات التي أخرجها المحدثون هي بالرفع، ولم يذكر لنا ابن الأثير عن أيٍّ منهم كانت رواية النصب. وقد رأينا موقف ابن أبي شيبة في "المصنف" وموقف الخطابي في "المعالم".

ولهذا وجدنا الحافظ المنذري يتهم بالغرض من روى الحديث بالنصب، ويقرر أنه غير المحفوظ عند الأئمة المعتبرين.

قال في "المختصر": (وقد روى هذا الحديث بعضهم - لغرض له -: "ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه" بنصب "ذكاة" الثانية لتوجب ابتداء الذكاة فيه إذا خرج، ولا يكتفى بذكاة أمه. وليس بشيء، وإنما هو بالرفع، كما هو المحفوظ عن أئمة هذا الشأن، وأبطلها بعضهم يقوله: "فإن ذكاته ذكاة أمه" بأنه تعليل لإباحته من غير إحداث ذكاة) (١).

هذا: وعلى فرض التسليم برواية النصب التي رفضها الحافظ المنذري بشدة: فإنه - كما قدّمنا - لا يُظن بالسائلين الجهل بوجوب ذكاة ما خرج حيًا، أما الشك فدائرة احتماله فيما خرج ميتًا، ولقد رأينا في رواية أحمد وأبي داود قول السائلين لرسول الله : (أنلقيه أم نأكله؟) وما نحسبهم يريدون إلقاء جنين خرج حيًا من بطن أمه، فالمعروف لديهم أن مثله يحل بالتذكية. وكل سؤال - كما توحي كلمة الإلقاء - إنما هو عن الجنين الميت.

ولا يسعنا بعدما تقدم إلا ترجيح ما ذهب إليه الجمهور.

فحديث أبي سعيد سليم من ناحية صلاحيته للاحتجاج، ولا يتعارض مع آية المائدة [٣]: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ … ﴾.

كما أن ما ذهب إليه الجمهور هو مذهب الصحابة، والتابعين ومَن بعدهم من علماء الأمصار (٢).


(١) انظر: "نصب الراية" للزيلعي (٤/ ١٩١ - ١٩٢).
(٢) هذا وقد نقل ذلك الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ١٩١ - ١٩٢) ولم يعلق عليه بشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>