للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن ما رأيناه عند الشيرازي والذين من بعده، من دعوى اشتقاق المتشابه من الاشتباه وربطه بذلك: هو ما رأيناه عند الأمدي؛ فالمسألة مسألة التباس على السامع، واشتباه بالمعنى المراد، ومبعث هذا الالتباس: ما يرى من الاحتمال الذي يحيط بذلك اللفظ، من حيث تعددُ المعاني وذلك ما نراه في المجمَل أيضًا.

وبذلك يكون ما ذهب إليه الشيرازي وإمام الحرمين، هو الذي ذهب إليه الآمدي فيما بعد؛ من حيث انطباق المجمَل على المتشابه، وأن المتشابه هو ما لم تتضح دلالته. وإن كان للمتشابه موارد أخرى في نظر الآمدي.

[اتجاه لصاحب "المنهاج"]

ولقد كان للقاضي البيضاوي (١) صاحب "منهاج الأصول" اتجاه آخر غير الذي رأيناه.

فلئن كان ما قدّمنا من أن المتشابه: هو ما لم يتضح معناه، وأن ذلك اصطلاح الأكثر من المتكلمين، وأنه الذي اعتبر الأصح؛ لقد سلك صاحب "المنهاج" سبيلًا يجعل المتشابه مشتركًا بين المجمَل والمؤول.

وقد فسَّر الشارحون لكلامه - ومنهم الإسنوي (٢) - القدر المشترك بين


(١) وذلك قوله في "المنهاج": (والمشترك بين الظاهر والنص: المحكم، وبين المجمل والمؤول: المتشابه). راجع: "منهاج البيضاوي" بشرح الأسنوي وحاشية الشيخ بخيت (٢/ ٦١).
(٢) هو عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي، أبو محمد جمال الدين من كبار الشافعية في الفقه، والأصول والعربية، انتهت إليه رياسة الشافعية في القاهرة بعد أن قدم إليها من مسقط رأسه إسنا. ومن مصنفاته: "المبهمات على الروضة" في الفقه، "نهاية السول شرح منهاج الأصول" في أصول الفقه، وله أيضًا "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول". توفي سنة ٧٧٢ هـ. ينظر: "الأعلام" (٤/ ١٩٢)، "الفتح المبين" (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>