وقد جريتُ في البحث على وضع القاعدة في موضعها من التطور التاريخي، حيث عملت على مراعاة التسلسل الزمني، فلا أعرض للرأي إلا حسب أسبقية وجوده زمنًا. وكنت أعود إلى اللغة وعرف الشريعة ومفهوم الصحابة والتابعين إذا أعوز الأمر، لإيضاح القاعدة ووضعها في إطارها من الضبط.
أما من الناحية التطبيقية: فعندما يكون النص قرآنيًا: أعود لما ورد من تفسير له في كتاب أو سنة أو شيء من آثار السلف ثم أقوال المفسرين، وفي ضوء ذلك يكون الحكم على مقدار انطباق القاعدة على النص.
وإذا كان النص واحدًا من نصوص السنّة: كان الأمر يقتضيني العناية بتخريج الحديث، وبيان ما قاله علماء الاختصاص فيه، ثم العودة إلى صنيعنا في النص القرآني، لنرى ما إذا كان هنالك ما يستعان به على تفسير الحديث: من كتاب أو سنّة أو أثر من آثار السلف، يظهر فيه استنباطهم للحكم كيف كان، كما يبدو فيه إلى أي حد يتفق أو يختلف ما سلكه المتأخرون بالنسبة لما سلكه المتقدمون.
ومسألة انطباق القاعدة على النص المراد استخراج الحكم منه: مسألة تَحُلُّ كثيرًا من العُقَد؛ لأنها توضح إلى أي حد استطاع أصحاب القاعدة، أن يلتزموا قاعدتهم عند الاستنباط، ورد الفرع إلى الأصل، وإيضاح النسبة بينهما؛ فقد تكون النسبة صحيحة، وقد لا تكون.
على أن هذا لم يُعْفِ من الوقوف موقف البحث في الفرع الفقهي، مع النظر في نصوص الكتاب والسنّة وآثار السلف، ثم في كلام الفقهاء في الموضوع. ولقد حرصتُ على أن آخذ الأحكام من كتب أصحابها، لا من نقل أهل مذهب عن مذهب آخر.
ويجدر بنا أن نقرر: أن عرض القواعد، وتطبيقها على النصوص، كان من حيث الأصل على الطريقتين المعروفتين في أصول الفقه، وهما طريقة المتكلمين وطريقة الحنفية، غير مهمل ما أرى في غيرهما، مع المقارنة دائمًا