ونحن أميل ما نكون إلى الدليل النقلي من اللغة، وعمل الصحابة رضوان الله عليهم حسب سليقتهم، وما رسمه لهم المبين عن الله صلوات الله وسلامه عليه.
والطابع العربي للقرآن والسنة، هو الذي يجعلنا أقل ميلًا إلى الأدلة المنطقية في أمر هو أقرب ما يكون إلى صميم اللغة وطبيعة التعبير في اللسان العربي، إلى جانب عرف الاستعمال الشرعي.
ويغلب على الظن أن أكثر الأصوليين عندما كتبوا في أصول الفقه: كانوا متأثرين بالطابع المنطقي والفلسفي. وإذا كان تفسير النص قد وضعت له القواعد ورسمت له المناهج، فعلينا أن لا ننسى أبدًا أن نصوص القرآن والسنة عربية قبل كل شيء ومن ورائها مقاصد الشريعة.
وعلى أية حال: فقد ثبت بالمعقوله والمنقول صحة ما ذهب إليه القائلون بالعموم، وهو الاتجاه الذي نراه ونؤمن بوجوب اعتباره أساسًا من أسس الفهم لكتاب الله وسنة رسوله عند تفسير النصوص.
١ - وذلك لأنه الاتجاه الذي يتسم بطابع الحفاظ على مفاهيم اللغة التي نزل بها الوحي.
ب - كما أنه الاتجاه الذي تُضمن معه سلامة اتباع السلف في نهجهم المأخوذ عن المبين عن ربه محمد صلوات الله وسلامه عليه.
ج - وهو بعد ذلك كله: الاتجاه الذي يباعد بين المكلف، وبين أي احتمال لتعطيل نص من نصوص الأحكام.
د - وقد مر بنا في أكثر من مناسبة، أن العرب قد عرفت العموم في لسانها واستعملت له الصيغ التي تدل عليه حتى رأينا إمامًا كالشافعي - وهو من هو في الإمامة في اللغة - بعد أن يوضح في رسالته ما هو معلوم من طبيعة اللسان العربي في خطابه بالعموم، عقد للعام عدة أبواب.