للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان منه تطوعًا، كانت النية التي يدخل بها فيه في الليل الذي قبله، وفي النهار الذي بعد ذلك).

ثم أبان ما يفترق به رأيه عن رأي أبي حنيفة وصاحبَيْه فقال:

(فهذا هو الوجه الذي تُخَرَّج عليه الآثار التي ذكرنا، ولا تتضاد، فهو أولى ما حُمِلتْ عليه، وإلى ذلك كان يذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن إلا أنهم يقولون: ما كان منه يجزئ النية فيه بعد طلوع الفجر مما ذكرنا، فإنها تجزئ في صدر النهار الأول، ولا تجزئ فيما بعد ذلك) (١).

[رأي إمام الحرمين في تأويل الطحاوي]

ولقد ردّ إمام الحرمين تأويل الطحاوي من وجهين:

الأول: أن العربي الناشئ في منبت اللغة لا يفهم النهي عن إيقاع نية صوم الغد في يوم قبله.

الثاني: أن هذا النفي إنما يذكر نهيًا عن الذهول، وتحذيرًا من الغفلة، واستحثاثًا على تقديم التبييت.

واعتبر الجويني أن ما ذكره الطحاوي في الوجه الثاني: يجري مجرى النصوص التي لا ينكرها محصِّل. ومع هذا الرد قال إمام الحرمين في شأن تأويل الطحاوي: (وهذا كلام غث، لا أصل له، يحط من مرتبة الطحاوي - إن صحّ النقل عنه -) (٢) ويبدو أن الطحاوي قد قال هذا الكلام؛ كما أثبتناه من "شرح معاني الآثار". ونقل ابن حجر في "الفتح" (٣) كلام إمام الحرمين في "البرهان" ولم يعلق عليه بشيء.

ونحن - إذا كنا نوافق صاحب "البرهان" على رد التأويل بما يُظْهِرُ بُعْدَه


(١) "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٢٧).
(٢) "البرهان" (١ لوحة ١٤٤، ١٤٥).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٠١) مع "الجامع الصحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>