للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث مجال التأويل]

لعل من المفيد - ونحن في معرض التعرُّف على مجال التأويل - أن نعرض للنقطتين الأساسيتين في هذا المضمار وهما: أن العمل بالظاهر هو الأصل، ثم الكشف عن الذي يدخله التأويل.

أولًا - العمل بالظاهر هو الأصل:

من المتفق عليه عند جمهور الأمة أن الأصل في أخذ الأحكام من النصوص: عدم التأويل، وأن العمل بالمعنى الظاهر من النص: واجب، ولا يسوغ العدول عن الظاهر إلا بدليل يقتضي هذا العدول؛ فالعام على عمومه حتى يرد ما يخصصه، والمطلق على إطلاقه حتى يرد ما يقيده، وكذلك: الأمر على مدلوله في الوجوب حتى يقول الدليل على صرفه عن الوجوب إلى غيره، فالظاهر الذي تعرفه العرب من مخاطباتها، والذي يبدو للباحث لأول وهلة معنًى لألفاظ النص لا يعدل عنه إلى الباطن؛ - وهو الذي يدرَك من طريق البحث والتنقيب - إلا بدليل؛ وذلك ما قرره الأئمة، وأوضحه العلماء الأثبات.

قال الإمام الشافعي في معرض حديثه عن نهي رسول الله عن الصلاة في بعض الأوقات (١) واحتمال الكلام أكثر من معنًى: (وهكذا غير هذا من حديث رسول الله ، هو على الظاهر من العام، حتى تأتي


(١) وذلك فيما روى مالك (٢٧) وأحمد (٥٥٨٦) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار من عبد الله، وأحمد (٥٥٨٦) عن جابر أن رسول الله قال: "إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، ثم إذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها. ونهى رسول الله من الصلاة في تلك الساحات".
وانظر: "الرسالة" (ص ٣٢٠)، والحديث رواه الشافعي عن مالك أيضًا في "اختلاف الحديث" (ص ١٢٥ - ١٢٦) وفي "الأم" (١/ ١٣٠). وانظر: "جامع الأصول" (٣٣٣٤)، ابن ماجه (١٢٥٣) النسائي في "الكبرى" (١٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>