للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقال آخرون: إن الأمر يقتضي التكرار مدة العمر مع الإمكان، إلا إذا قام دليل على خلاف ذلك: وقيدوه بالإمكان، لتخرج أزمنة ضروريات الإنسان وقضاء حاجاته، فالأمر يدل عند هؤلاء على فعل المأمور به متكررًا، فلا يكون الخروج من عهدة الامتثال إلا بذلك.

وإليه ذهب أبو إسحاق الشيرازي، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وجماعة من الفقهاء والمتكلمين (١).

٤ - وقيل: إن الأمر يدل على المرة مع احتمال التكرار، وعزاه بعضهم إلى الشافعي (٢). والفرق بين هذا وسابقه: أنه على المذهب الأول: يثبت التكرار من غير قرينة. أما على هذا المذهب: فلا يثبت التكرار إلا بقرينة، فالأمر هناك يوجب التكرار، وهنا يحتمله.

٥ - ومن المذاهب في ذلك: القول بالوقف في كون صيغة الأمر لمطلق الطلب، أو للمرة، أو للتكرار؛ على اختلاف في تفسير هذا الوقف.

فقيل: المراد منه لا ندري أوضع المرة، أو للتكرار، أو للمطلق من غير دلالة على مرة أو تكرار، وقيل: المراد أنه لا يدرى مراد المتكلم، للاشتراك اللفظي بين المعاني المذكورة، وهو قول القاضي أبي بكر الباقلاني، وجماعة، ويراه الإسنوي مذهب إمام الحرمين (٣) - كما سيأتي -.

[مسلك القائلين بمطلق الطلب]

١ - كان من أهم ما استدل به أصحاب هذا المذهب: أن صيغة الأمر في اللغة بهيئتها ومادتها: إنما تدل على طلب الفعل فقط، فقد أطبق أهل العربية - كما يرى ابن الهمام وغيره (٤) - على أن هيئة الأمر لا دلالة لها إلا


(١) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرح العضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨٢)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١).
(٢) راجع: "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١)؛ "إرشاد الفحول" (ص ٩٢).
(٣) راجع: "نهاية السول للإسنوي شرح منهاج البيضاوي" (١/ ٢٧٠) بهامش "التقرير والتحبير".
(٤) راجع: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١)، "إرشاد الفحول" (ص ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>