للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظم والمعنى اللغوي، والدلالة لم يوجد فيه إلا المعنى اللغوي وعند المعارضة يتقابل المعنيان فيبقى النظم في الإشارة سالمًا عن المعارضة فيحصل الترجيح) (١).

ومما يمكن التمثيل به لهذا التعارض أن الشافعية - كما تقدّم في حينه - أثبتوا وجوب الكفارة في القتل العمد عن طريق دلالة النص في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] لأنها - كما قالوا - لما وجبت في القتل الخطأ مع قيام العذر، كان وجوبها بالقتل العمد أوْلى (٢).

وقال الحنفية: لئن سلّمنا بوجوب الكفارة في القتل العمد بدلالة النص، إلا أن هذه الدلالة تعارضها الإشارة في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)[النساء: ٩٣].

فإن هذا النص يدل بطريق الإشارة - كما أسلفنا - على عدم وجوب الكفارة على القاتل المعتدي، وقد فهم ذلك من الاقتصار على هذا الجزء في مقام البيان، مما أفاد الحصر، فتعارضت الدلالة التي توجب الكفارة، مع الإشارة التي لا توجبها، فقدّم الأقوى - وهو الإشارة - وحكمنا بعدم وجوب الكفارة في القتل العمد (٣).

[من دلالة النص في القانون]

١ - نصت المادة /١١٤١/ فقرة أولى "ح" من القانون المدني المصري على اعتبار النفقة المستحقة للأقارب في الأشهر الستة الأخيرة: من الحقوق الممتازة.

فدلت عبارة النص على نفقة الأقارب، أما نفقة الزوجة: فلم تأتِ المادة على ذكرها، غير أن امتياز نفقة الزوجة يمكن استنباطه من طريق دلالة النص؛ لأن العلة في المنطوق - وهو الأقارب - والمسكوت عنه - وهو الزوجة -


(١) راجع: "المنار وشرحه" لابن ملك (١/ ٥٢٩).
(٢) انظر ما سبق (ص ٤٠٦ - ٤٠٧).
(٣) راجع: "مسلم الثبوت" مع "فواتح الرحموت" (١/ ٩٠٤) "المنار وشرحه" لابن ملك (١/ ٥٢٩)، "كشف الأسرار شرح المصنف على المنار" (١/ ٢٥٣) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>