للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول الأمر]

[المطلب الأول ماهية الأمر ودلالته]

الأمر "هو اللفظ الدال على طلب الفعل على جهة الاستعلاء" (١) سواء أكان هذا الطلب بصيغة فعل الأمر التي هي "افعل" كقوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ٧٨].

أم كان بصيغة المضارع المقترن بلام الأمر كقوله سبحانه: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧].

أم كان بالجملة الخبرية التي لم يقصد منها الإخبار، وإنما قصد منها الطلب كما في قوله جلَّ وعلا: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وقوله: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].

فالمقصود من الجملة الخبرية في الآية الأولى، ليس الإخبارَ عن إرضاع الوالدات لأولادهن مدة زمنية مقدارها حولان كاملان، لمن أراد أن يتم الرضاعة. وإنما المقصود الطلب، فكأنه قال: ليرضع الوالدات أولادهن،


(١) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرح العضد" و"حاشية السعد" (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>