ولقد ذكروا ما يفيد قبول كل من الظاهر والنص الذي هو أوضح منه - كما سيأتي - للتخصيص (١) والتأويل والنسخ، وكيف أنه ذلك: يدخل الاحتمال كلًا منهما.
[عماد التعريف]
وهكذا يبدو من هذه التعريفات - على تماثلها - أن عماد الظاهر عند هؤلاء الأئمة، أن يكون اللفظ بحيث لا يتوقف فهم المراد منه على قرينة خارجية، لكن يتضح مدلوله المراد من الصيغة نفسها، فمجرد سماع اللفظ كافٍ للحكم على المعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ، ولكن مع الاحتمال.
ونستطيع بعد هذا الإيضاح، أن نعرّفه تعريفًا مبسَّطًا يفي بالغرض فنقول:(هو اللفظ الذي يدل على معناه بصيغته من غير توقف على قرينة خارجية، مع احتمال التخصيص والتأويل وقبول النسخ في عهد الرسالة).
أ - ومن أمثلة الظاهر: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ من قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥].
فالمعروف من أسباب النزول أن الآية مسوقة لنفي التماثل بين البيع والربا، ردًا على المشركين الذين زعموا أن البيع مثل الربا، ورغم ذلك؛ فإنها في قوله: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ ظاهرة الدلالة في حل البيع وحرمة الربا، باللفظ نفسه دون حاجة إلى قرينة خارجية.
وكلٌّ من (البيع)، و (الربا) لفظ عام يحتمل التخصيص الذي يقضي بتضييق دائرة شمول كل منهما، بحيث يقصر على أفراد منه دون أخرى.
(١) التخصيص عند الحنفية: قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل مقترن. والتأويل: إخراج اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر يحتمله بدليل أو قرينة، وهذا يشمل عند كثيرين - فيما يشمل - التخصيص؛ فيكون عطف التأويل على التخصيص من باب عطف العام على بعض أفراده. أما النسخ: فهو رفع الشارع حكمًا شرعيًا بدليل شرعي متراخٍ عنه.