والذي نميل إليه فيما يقتضيه النهي من أثر في المنهي عنه لوصف لازم يتصل به، هو ما ذهب إليه الحنفية من تفريق بين أثرِ مجاله العلاقة بين المكلف والشارع، وأثرِ مجاله العلاقة بين الفرد والآخرين من حيث التعامل، وتحقيقُ المصالح في حياة الناس ومعاشهم.
فالأثر الأول - وهو الإثم - ثابت على المكلف تجب المبادرة إلى إزالة سببه. والأثر الثاني: منتج لما رتبه الشارع على العقد الذي استوفى أركانه وشروطه من ثمرات مقصودة، كما في جعل البيع سببًا للملك.
والذي يحملنا على هذا الميل - إلى جانب ما استدل به الحنفية - ما نراه في هذا الاتجام من كونه أقرب إلى تيسير شؤون الحياة، وتأمين مصالح الناس التي لها في الشريعة وزن ومقدار، خصوصًا وأن الحوادث لا تتناهى، والأيام تحمل إلينا كل يوم جديدًا من العقود، وأنواع التعامل.
على أن الحنفية، لم يغفلوا الحفاظ على إلزام المكلف العملَ على التخلص من الإثم بإزالة سببة، وفي هذا جمع لسلامة العلاقة بين المكلف والشارع، وبين المكلف والآخرين، لأن التعامل في شريعتنا لا يجوز بحال أن يكون طريقًا لمعصية من شرع هذه الشريعة.
نقول هذا كله، مع الشعور بأثر الاصطلاحات في مسالك هؤلاء الأئمة، الأمر الذي يدعو إلى مزيد من الحذر عند التطبيق. ومبعث ذلك أن ما ذهب إليه الجمهور. تسنده قوة الدليل من اللغة، وما قد يفهم من عمل السلف، بالإضافة إلى شيء من الصعوبة في تطبيق مذهب الحنفية في الفروع عند استنباط الأحكام من النصوص، ونماذج ذلك عديدة في كتب الفقه ومظان الأحكام، وعلى كلٍ فلا بد للذوق الفقهي من أن يعمل عمله، فيذلل الكثير من العقبات.
[من آثار الاختلاف في التطبيق]
كان للاختلاف فيما يقتضيه النهي من أثر في العمل الشرعي المنهي عنه: آثار واضحة في اختلاف العلماء عند تفسير النصوص واستنباط الأحكام، ونحن موردون فيما يلي بعض الأحكام التي تُظهر أثر الاختلاف بين