للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية لينقل إلينا عن قاضي القضاة (أن مفهوم الشرط يؤخذ به من جهة المعنى فقط، لا من جهة الوضع اللغوي، فإنهم لم يضعوه ليفيد كونَ انتفائه سببًا في انتفاء الحكم، بل ليفيد كونَ ثبوته شرطًا في ثبوت الحكم، وهو إنما يفيد انتفاء الحكم بانتفائه من جهة معناه فقط، إذ لو لم يفد كون ما عداه بخلافه لم يكن لذكره فائدة) (١).

[رأينا في هذه النقطة]

وإنا لنرى أن مؤدى ما نقله صاحب "منهاج الوصول": هو تلاقي القاضي عبد الجبار القائلين بمفهوم الشرط من حيث الدلالة على الحكم، غير أنه يرى أن انتفاء الحكم بانتفاء الشرط، إنما جاء من جهة المعنى، لا من جهة الوضع اللغوي، والذي أكد هذا التلاقي قوله: (إذ لو لم يُفد كونَ ما عداه بخلافه، لم يكن لذكره فائدة).

وعلى هذا: فمن الممكن حمل ما نقله الآمدي عن القاضي عبد الجبار، أن المقصود به الشطر الأول من الكلام، وهو أن الانتفاء لم يكن من الوضع اللغوي، وإن كان صاحب "الإحكام" حين وضع القاضي عبد الجبار في عداد القائلين: - بأن الحكم لا يكون على العدم عند عدم الشرط - في مقابل المذهب الآخر الذي يرى العكس تمامًا: جعل التوفيق بين النقلين عسير المنال بعض الشيء، إلا أن يكون صاحب "منهاج الوصول" قد وقع على ما لم يقع عليه غيره من كلام القاضي عبد الجبار.

[موقف الزيدية من المتكلمين]

يبدو أنه كان للزيدية أكثر من اتجاه في موقفهم من مفهوم الشرط.

أ - فقد روي عن بعضهم القول به، كما روي نفيه عن آخرين (٢).


(١) "منهاج الوصول" في أصول الزيدية (ق ٤٦).
(٢) قال صاحب "الفصول اللؤلؤية": (ومفهوم الشرط نحو: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ﴾ [الطلاق: ٦] يعمل به الكرخي وأبو الحسين وابن سريج والرازي وكثير ممن لا يعتبر مفهوم الصفة. وخلافًا لبعض أئمتنا والشيخين والقاضي، والجويني والغزالي والباقلاني) فهذا قول بمفهوم الشرط واعتباره دليلًا. راجع "الفصول اللؤلؤية" في أصول الزيدية (ق ١٠٤/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>