للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى لازمًا له وثابتًا به قطعًا عند إطلاقه حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، وما دام اللفظ موضوعًا للعموم: فإن العموم يلزم ويثبت به قطعًا حتى يقوم دليل الخصوص، كالخاص يثبت مسماه قطعًا حتى يقوم دليل المجاز، ومجرد الاحتمالات التي لا دليل عليها: لا أثر لها في الألفاظ (١).

فقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]. يشمل قطعًا كل متوفىً عنها زوجها إلا إذا جاء المخصص، سواء أكانت الوفاة قبل الدخول، أم كانت بعده (٢).

وكذلك قوله جلَّ وعلا: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]. يشمل عدة كل معتدة لا ترى الحيض، يأسًا أو صغرًا، على سبيل القطع، سواء أكان ذلك قبل الدخول أم بعد الدخول، إلا إذا ثبت المخصص (٣).

[الجواب عن الاحتمال]

ومسألة احتمال التخصيص في العام التي هي معتمد دليل القائلين بالظنية: أجاب عنها الحنفية بأنهم لا ينفون أي احتمال كان، وإنما ينفون الاحتمال الناشيء من دليل، فلا اعتبار لاحتمال غير ناشئ عن دليل - كما ذكر انفًا - فإذا خص من العام بعض أفراده، كان احتمال التخصيص فيما بقي ناشئًا عن دليل فيعتبر؛ لذا يصبح العام في هذه الحال ظني الدلالة (٤).


(١) راجع: "أصول البزدوي" (١/ ٣٩٤)، "أصول السرخسي" (١/ ١٣٧)، "التوضيح" (١/ ٤٠).
(٢) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٣٩ - ٤٠)، "المرأة" مع "المرقاة والحاشية" (١/ ٣٥٣).
(٣) راجع: "نور الأنوار" للميهوي، "شرح المنار" للنسفي (١/ ١١١).
(٤) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ١٠٤ - ١٠٧)، "المنار وشرحه" لابن ملك (١/ ٢٨٧)، "نور الأنوار" للميهوي (١/ ١١١)، قال الميهوي في شرحه لكلام النسفي: (نقول: هذا احتمال ناشئ بلا دليل وهو لا يعتبر، وإذا خص منه البعض، كان احتمالًا ناشئًا عن دليل، فيكون معتبرًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>