للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مسلك الشافعية ومَن قال بقولهم، من حيث صحةُ ثبوت الحدود والكفارات بالقياس عندهم ثبوتَها بمفهوم الموافقة.

٣ - مسلك الشيعة الإمامية من حيث نفيهم للقياس، مع قولهم بمفهوم الموافقة.

كل أولئك مع ملاحظة أن هنالك تمايزًا بين مفهوم الموافقة وبين القياس المختلف على حجيته والعمل به عند العلماء، ذلك التمايز الذي عبّر عنه أبو زيد الدبوسي بقوله: (فالقياس هنا استنباط علة من النص بالرأي ظهر أثرها في الحكم - بالشرع لا باللغة - متعديًا إلى محل لا نص فيه، لا استنباط معنى باللغة متعديًا إلى محل لا نص فيه) (١).

* * *

[المطلب الثاني موقف ابن حزم من مفهوم الموافقة]

من المعلوم أن مسلك الاستنباط عند ابن حزم باعث الظاهرية في القرن الخامس الهجري، كان من دعائمه نفي القياس، وعدم القول به، أو اعتباره طريقًا من طرق الدلالة على الحكم.

وقد اعتبر القول بمفهوم الموافقة قولًا بالقياس، وإذا كان الأمر كذلك: فالأخذ بهذه الطريق من طرق الدلالة على الأحكام، هو في نظره جنوح إلى غير السبيل السوي.

لأن كل خطاب وكل قضية، فإنما تعطي ما فيها، ولا تعطي حكمًا في غيرها، لا أن ما عداها موافق لها، ولا أنه مخالف لها، لكن كل ما عداها موقوف على دليله. ولقد جاء ابن حزم في كتابه "الإحكام" بمسألة المفاهيم تحت عنوان "دليل الخطاب" وأفاض في نفي الموافق منها والمخالف.

وعبّر عن الموافق بأنه: ما يفهم منه أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها،


(١) "تقويم الأدلة" (ص ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>