للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس. ولقد قال في "الأصول" بعد أن فرّق بين دلالة النص والقياس: (ولذلك جوّزنا إثبات العقوبات والكفارات بدلالة النص، وإن كنا لا نجوّز ذلك بالقياس) (١).

ج - أما الإمامية: فلو استوى عندهم مفهوم الموافقة مع القياس، لما قالوا بمفهوم الموافقة؛ لأنهم منكرون لحجية القياس، ومفهوم الموافقة يساويه مع أنهم قالوا به. وعلى ذلك فموقفهم يتأثر أيضًا بالاختلاف بين المصطلحين.

وعلى أية حال، فالأمر الذي لا مرية فيه: هو أن دلالة مفهوم الموافقة على إثبات حكم المنطوق للمسكوت عنه، بالأولى أو بالمساواة، هي عند القائلين بها: دلالةٌ لفظية التزامية - كما قدمنا في صدر هذا المبحث - والمعنى المشترك بين المنطوق والمسكوت، لا يتوقف إدراكه على البحث والاجتهاد، وإنما تهدي إليه معرفة اللغة، بينما نرى أن القياس المتنازع في حجيته والعمل به بين الجمهور وغيرهم - حتى لم يقل به الظاهرية والشيعة الإمامية - ليس مجرد إلحاق مسكوت بمنطوق لاشتراكهما في علة الحكم التي يمكن إدراكها من أي طريق. وإنما هو إلحاق أصل بفرع لعلة تجمعهما، وطريق إدراكها النظر والاجتهاد، ولاستنباطها مسالك أفاض في ذكرها العلماء في مباحث القياس. فلا بدع أن يكون نفاته مِمَّن يقول بمفهوم الموافقة كالشيعة الإمامية (٢).

وهكذا يكون لزامًا علينا عندما نقرر أن النزاع لفظي أو غير لفظي: أن تفرق بين ثلاثة مسالك:

١ - مسلك الحنفية من حيث رفضُهم لإثبات الحدود والكفارات بالقياس، وصحة إثباتها بدلالة النص.


(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٢٤١ - ٢٤٢) ومن هنا قال صاحب "التقرير والتحبير": وقيل: النزاع لفظي، وعندي فيه نظر بالنسبة إلى ما عليه مشايخنا من أنه لا يصح إثبات الحدود والكفارات بالقياس ويصح بدلالة النص (١/ ١١٠).
(٢) راجع: "تهذيب الوصول إلى علم الأصول" لابن المطهر الحلي مع "شرحه منية اللبيب" (١٠٠ - ١٠١)، "نهاية الوصول إلى علم الأصول" لابن المطهر الحلي (ق ١١٣) مخطوطة دار الكتب المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>